اخبار البلد-
كما هو حال المسلمين في شتى أنحاء العالم، يقوم مسلمو كوريا الجنوبية بصيام هذا الشهر الفضيل والتجمع في المساجد للصلاة وتلاوة القرآن، وبالرغم من قلة عدد المسلمين في كوريا الجنوبية مقارنة ببعض الدول الغربية .
فإنهم استطاعوا أن يجدوا لأنفسهم مكانا داخل المجتمع الكوري من خلال الأنشطة المختلفة التي يقومون بها ويحضرها عدد من السفراء العرب والمسلمين وشخصيات كورية حيث تقرّ القوانين الكورية بأحقيّة أداء المسلمين لكل مناسكهم وشعائرهم بحرية، بل إن الحكومة الكورية تقدم دعماً كبيرا لاتحاد المسلمين الكوريين، وهو هيئة إسلامية تضم عشرات الجمعيات الإسلامية.
ويعلن اتحاد المسلمين كل عام عن بداية الشهر الكريم وفقا لما تعلنه ماليزيا بالتنسيق مع السفير الماليزي في سيئول، وتبادر بتوزيع مواقيت الإمساك والإفطار، وتعلن عن فتح المساجد لأداء صلاة التراويح، أو الأداء الجماعي للأدعية والأذكار وإقامة الامسيات الاسلامية للتعريف بتعاليم الاسلام ونشرها بصورة صحيحة والإجابة عن جميع الاستفسارات, بالإضافة إلى توزيع الكتب المترجمة إلى اللغة الكورية على الكوريين.
وتجدر الإشارة إلى أن اتحاد المسلمين الكوريين يقوم بالتنسيق مع سفراء الدول العربية والاسلامية بإقامة مشروع إفطار الصائم بصفة يومية يحضره كل من يصلي المغرب في المسجد المركزي في سيئول ويتم الاعتماد في إعداد الطعام على مجزر الحلال الموجود في اتحاد المسلمين حيث يقوم بعملية الذبح وفق تعاليم الشريعة الاسلامية. أما بعض وسائل الإعلام الكورية فتشير إلى بداية شهر رمضان عند المسلمين، (وخصوصا قناة اررنج ووكالة يونهاب للأخبار).
وتتفنن المحلات العربية والفارسية والتركية وغيرها في بيع ما تعود عليه المسلمون في بلادهم من مواد غذائية وحلويات وكل ما له صلة بالعادات والتقاليد في شهر رمضان.
وكل ليلة بعد الإفطار يجذب جامع المركز الإسلامي في قلب "سيول” المئات من جميع الفئات العمرية، سواء الكوريين أو غيرهم، وينتشر المسلمون في الشوارع المحيطة بالمركز، وتجذب انتباه المارة التحية الإسلامية بينهم "السلام عليكم”.
كما يحضر إلى المساجد عدد كبير من المسلمات المتحجبات، اللاتي يصطحبن أولادهن ويتركنهم في الساحة المعدة للأطفال والمجهزة بألعاب خاصة بهم.
وإذا كان الكهول وكبار السن من المسلمين على دراية تامة بخصوصية شهر رمضان، فإن المشكلة تكمن في الأجيال العربية والإسلامية، التي ولدت في كوريا والتي انفصلت بشكل كامل عن المناخ والنسيج الثقافي الإسلامي، واندمجت كليًا في المجتمع الكوري، حتى أنها فقدت اللغة والعادات والتقاليد، وهذه الفئة من الناس لا تعرف من شهر رمضان غير أنه إمساك اضطراري عن الطعام.ومن المألوف رؤية أشخاص يحملون أسماء محمد وخالد وعلي وعمر ينتشرون في أنحاء كوريا، وهؤلاء هم أبناء الجيل الثاني من المهاجرين، غير أنهم لا يلتزمون بالتعاليم الإسلامية ولا يقومون بأداء الفرائض.
ومن أسباب ذلك افتقاد الشخص لذلك الجو الروحي النوراني الرمضاني الصافي .
وعلى المسلم أن يراعي النظم السائدة في كوريا؛ فلا يجوز له إطلاقا إزعاج الجيران بمكبرات الصوت نهارًا وليلاً من خلال الأذان أو صلاة التراويح أو رفع صوت التلفزيون؛ فقد يلجأ الجار إلى استدعاء الشرطة..
وإذا كان العرب والمسلمون قد تعودّوا في بلادهم على الإفطار الجماعي والدعوات والتزاور بين العائلات، فإن هذا الأمر يكاد يكون معدومًا بين العائلات المسلمة في كوريا؛ حيث تتداخل اعتبارات عدة لتعيد صياغة عادات المسلم. وحتى الرافض للتغيير، فإن المجتمع الكوري يملك كل القدرات لتغيير الأفراد والمجموعات المسلمة بالتدريج وعلى دفعات، ليجد المسلم نفسه قد تطبع بطباع المجتمع الجديد دون أن يشعر.
وإذا كان بعض المسلمين حريصين في شهر رمضان على تأصيل قيم هذا الشهر في نفوس أولادهم ليكونوا على صلة بقيمهم ودينهم فإن آخرين أسقطوا رمضان وهويتهم من ذاكرتهم.
ولا توجد مظاهر أخرى لعيد الفطر أو عيد الأضحى في كوريا ولا يشعر بهما سوى المسلمين الذين يأخذون إجازة خاصة من أعمالهم يقتطعونها من إجازتهم السنوية ليقضوا هذا اليوم مع أسرهم.


