شبح الفقر بات يطل على الأردنيين بكثرة خلال الفترة المنقضية، سواء من خلال التقارير الدولية أو عبر الأحداث الميدانية على الأرض.
في تقرير أخير صادر عن البنك الدولي، نبه البنك الى أن معدلات الفقر في الأردن تناهز الـ 15 من مئة، في حين تصل في بعض أوقات السنة الى 30 %، في مفارقة تثبت تراجع الطبقة الوسطى وهشاشة شريحة واسعة من المجتمع في مقاومة شبح الفقر.
أما على الأرض، فما زالت أمثلة مثل "سويمة" وجيوب الفقر الأخرى من دون تقدم يذكر في التنمية ومحاربة الفقر، ومازلنا نعيش أحداث معان يوما بيوم، من دون انكار رسمي أو شعبي بأن الفقر جزء من المشكلة.
اللافت في معضلة الفقر الاردنية أن العوائق أمام مكافحتها لا تتعلق بالتمويل المطلوب، حيث تؤكد دراسات للوكالة الامريكية للتنمية أن مخصصات الدعم الاجتماعي في الاردن كافية لإنهاء ظاهرة الفقر بشكل كامل.
ما يؤيد طرح الوكالة الأمريكية للتنمية، أن كاتب هذا المقال تلقى اتصالا هاتفيا من احد المسؤولين المشرفين على تنمية منطقة "سويمة" عام 2013، ليؤكد للأخير أن معظم ما يرصد لموازنة تنمية المنطقة يعود للموازنة دونما استخدام يذكر عاما بعد عام.
وحتى بالنسبة لمشروعات تنمية المحافظات، تتكرر الملاحظة ذاتها بأن مخصصاتها المالية لم تتحرك حتى اللحظة، في حين شركات ريادة الأعمال الخاصة تتوسع وتحقق النجاحات عاما بعد عام.
النتيجة اذا أن المشكلة التي تواجه الحكومات في جهود مكافحة الفقر لا تتعلق بالتمويل انما بإدارة برامج مكافحة الفقر وتقديم المعونات المطلوبة للشريحة المستحقة.
كما أن التنسيق بين الأجهزة التنفيذية المشرفة على توزيع المعونات للمحتاجين تتطلب مزيدا من التنسيق بغية تحقيق الهدف الأسمى لجميع هذه الأجهزة ممثلا بعيش كريم مادي وصحي لكافة فئات المجتمع.
الاقتراح الأخير، أن تتم الاستفادة من تجارب القطاع الخاص في تشجيع المشروعات الريادية ونقل التجربة الى المحافظات، مثلا عن طريق الشراكة من شركات ريادية ناجحة مثل "أويسس 500″.
في لقاء جمع عددا من الكتاب مع رئيس الوزراء العام الماضي، كان الاقتراح لرئيس الوزراء بأن تعتبر وزارة التنمية الاجتماعية جزءا رئيسيا من الفريق الاقتصادي، وأن تخضع لبرنامج تصحيح كذاك الذي تتعامل معه وزارة المالية.
من الممكن منح العذر للتقصير الحكومي عندما لا تتوفر المخصصات، أما أن تكون المشكلة في الادارة، فذلك يحتاج الى قصة نجاح حكومي كتلك المتحققة في تخفيض العجز ورفع مستوى الاحتياطات الأجنبية.