لا شك بأن الحكومة قد قطعت شوطا طويلا في معالجة تشوهات الموازنة وتعزيز ايراداتها,
ففي عام 2012 أوقف العمل بإعفاءات العقار، وعدلت تعرفة الكهرباء للبنوك وشركات الاتصالات والفنادق، ومن ثم اتخذ القرار الاصعب برفع الدعم عن المحروقات وتوجيهه للجهات المستحقة عبر الية الدعم النقدي.
أما في 2013، فقد قامت الحكومة برفع الضريبة على اجهزة وخدمات الاتصالات، ومن ثم جاء القرار الاهم بتعديل تعرفة الكهرباء لكافة القطاعات الاقتصادية باستثناء الاستهلاك المنزلي والذي سيخضع للتعرفة الجديدة خلال 3 اشهر من الان.
بالتوازي مع هذه التطورات، كان مؤشر النمو الاقتصادي يرسل نداءات استغاثة متتالية اخرها ما حملته إلينا ارقام الاحصاءات العامة بأن نمو الاقتصاد في الربع الأول من العام وقف عند مستوى 2.6 بالمئة.
هذا النمو المتواضع جاء بالرغم من تزايد عدد السكان نتيجة لجوء اكثر من نصف مليون سوري، وبالرغم من توسع انفاق الحكومة بحوالي 200 مليون دينار.
و بمعنى ان نسبة النمو ما كانت لتتجاوز معدل 2.2 بالمئة لولا التطورات الاستثنائية المشار لها سابقا، والتي قد يزول اثرها خلال الاشهر القادمة.
تباطؤ معدلات النمو الى هذا الحد يعزز من مشكلة البطالة ويزيد من اعتماد الاردنيين على دخلهم المستقبلي من خلال الاقتراض، خاصة وان هذا التباطؤ جاء بالتزامن مع عدة اجراءات تصحيحية لإنقاذ الموازنة، مما ادى الى تأكل الدخول وارتفاع اعباء المعيشة.
مشكلة تباطؤ النمو لا تتوقف عند هذا الحد، بل تمتد لتشكل تهديدا حقيقيا لإيرادات الخزينة على المدى المتوسط والطويل.
ذلك ان تراجع الاستهلاك المحلي بسبب تباطؤ النمو يؤثر سلبا على المكون الرئيسي لإيرادات الخزينة ممثلا بالضرائب الاستهلاكية وعلى رأسها ضريبة المبيعات التي ترفد الخزينة بأكثر من 2 مليار دينار سنويا.
بالنتيجة تلتقي مصلحة الجميع من قطاعات اقتصادية وافراد وحكومة عند هدف دفع معدلات النمو الاقتصادي، خصوصا بعد ان تم الانتهاء من الوجبة الرئيسية من اصلاحات الموازنة.
المطلوب اليوم هو تسليط مزيد من الضوء على النمو الاقتصادي والبحث عن الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص بغية دعم القطاعات المنهكة ومنح دفعة اضافية للقطاعات الاقتصادية الواعدة.
البنك المركزي بدأ بخطوات تحفيز النمو عبر تخفيض الفائدة وتقديم الدعم الائتماني للقطاعات المتراجعة والواعدة، بالمقابل، ما زال الجميع بانتظار ما ستبدأ به الحكومة لتحقيق «الهدف الجامع» ممثلا بدفع عجلة النمو الاقتصادي.