لا أريد بهذا المقال الإساءة إلى القطاع الطبي الخاص، ولا التقليل من شأنه وأهميته في الخدمات الصحية وفي الاقتصاد الوطني؛ إذ إنه أصبح خدمة جيدة تستقطب قطاعا واسعا من خارج الأردن، عدا عن كونه خدمة طبية جيدة للمنتفعين به من القطاع الخاص. لكن حتى لا نلحق الضرر بهذا المورد النبيل، تجب الإشارة الى شكاوى المواطنين والزوار الذين يتعرضون لإساءات كثيرة.
يجب القول أيضا أننا نوجه هذه الملاحظات إلى فئة واسعة من إدارة المستشفيات الخاصة والأطباء والعاملين في هذا المجال، إضافة إلى قطاع خدمة الزوار المحيطة أو المتصلة بالسياحة العلاجية، مثل الشقق المفروشة والخدمات غير الطبية التي يقدمها مواطنون في المستشفيات أو في محيطها وما يتصل بها.
وقد أخبرني أحد المواطنين ممن هم على صلة بهذا المجال بكثير من الإساءات؛ تبدأ في المطار على يد عاملين في خدمة الزوار وسائقي تاكسي، يبدو أنهم على صلة أو يتقاضون عمولة مقابل توصيل الزوار إلى مستشفيات أو شقق مفروشة معينة، أو كما يقول المواطن: التعامل مع الزائر وكأنه صيد ثمين! وفي بعض الأحيان، تجري منافسات ومناقصات خفية حول الزائر، تراهن على القدرة على إقناع المريض بتغيير رأيه، أو بطلب أشياء، أو بعروض أفضل.
وذكر المواطن مثالا واحدا عن المستهلكات الطبية التي تستخدم في العمليات. فهو يقول إن ثمن صمام القلب لا يتجاوز 800 دولار، ولكنه قد يباع للمريض بحوالي ألفي دولار. وأنه قد يحدث أيضا إصرار على استخدام أدوات وأجهزة بعينها، توردها شركة محددة، وبالتالي رفض أجهزة وأدوات أخرى برغم أنها جميعها توزع في البلد بشهادة تؤكد أنها تحمل المواصفات العالمية الجيدة، ولا يسمح ابتداء باستخدام مستهلكات تزرع في الجسم من دون هذه الشهادة. ولكنها عمليات منافسة بين الشركات تستخدم فيها مستشفيات وأطباء وفنيين!
ويقول المواطن إنه حتى في القطاع العام جرت ترسية لأكثر من عطاء لصمام القلب، بأسعار تفوق عروضا مقدمة بأنواع أخرى برغم أن هذه الأخيرة، كما يقول، تستخدم في المستشفيات الأوروبية! ولا يتجاوز ثمن الشبكة 600 دولار، ولكنها قد تباع بألف وثمانمائة دولار. وهناك أنواع جيدة تعرض بسعر أقل، ولكنها تستبعد لأسباب غير عادلة! وربما يباع منظم دقات القلب بألفي دولار، برغم أن ثمنه في السوق الخارجية لا يتجاوز 800 دولار.
هذه أرقام ومعلومات أخبرني بها مصدر يبدو أنه مطلع، ولا أملك الكفاءة لتقييمها. ويؤكد أنه يمكن التأكد من الأسعار الحقيقية التي استوردت بها هذه اللوازم والمستهلكات الطبية من فواتير الاستيراد المفترض أن الرقابة الدوائية مطلعة عليها.
لماذا لا تتعامل وزارة الصحة مع هذه اللوازم مثل الأدوية؛ فتلزم الشركات والمستشفيات بأسعار عادلة كما تلزم الصيدليات؟