ليس واضحا لماذا اضطر رئيس بلدية معان ماجد الشراري الى القدوم الى عمان لعقد مؤتمر صحافي في مجمع النقابات المهنية، ليكشف فيه عن حقيقة الاوضاع التي تعيشها المدينة، منذ الاحداث الاخيرة قبل شهرين، وتداعياتها المفتوحة حتى الآن.
لكن الواضح ان لغة الحوار بين رئيس البلدية والاطراف الحكومية الاخرى مقطوعة، لهذا لجأ الشراري الى مجمع النقابات على اعتبار صفته المعنوية معارضة للنهج الحكومي.
اذا كان هدف الشراري من القدوم الى عمان للوصول الى وسائل الاعلام مباشرة، فهذا يسجل له على حساب الاعلام الذي لا يتوجه الى معان الا عندما تشتعل فيها الاحداث.
واذا كان الهدف الاقتراب من الدوار الرابع هو اسماع صوت معان الشعبي، فهذا ايضا يسجل للشراري على حساب الاطراف الحكومية التي لم تستمع للرأي الشعبي، وبقيت مسكونة بالرواية الرسمية المختلفة تماما عن رواية اهالي معان وممثليها.
ما جاء في اقوال الشراري من عمان امس عن معان، هو رسالة على قاعدة «اللهم اني قد بلّغت…»، وهي رسالة ليست جديدة، فمنذ سنوات، والاعلام والسياسيون والتقارير الرسمية والشعبية واللجان على مختلف تصنيفاتها، تحفر في «ازمة معان»، وتخرج بنتائج: معان خاصرة رخوة للدولة الاردنية.
هذا التشخيص بات يحمل اجماعا شعبيا وطنيا، لكن لم يتم بشكل فعلي وعملي وضع معالجات جذرية لهذه الخاصرة الرخوة، وبكل تأكيد؛ فإن المعالجات الامنية ليست هي المطلوبة على الاطلاق.
في معان بطالة قد تزيد على غيرها في المحافظات الاخرى، وفيها متعطلون من العمل، تظاهروا اكثر من مرة وفي اكثر من موقع، وفيها فقر وحياة معيشية صعبة تشبه حجارة الصوان المعاني، كل هذا وغيره من المشكلات الاقتصادية اساس اي احتجاج، سلميا كان ام عنفيا.
من معان وقبل اكثر من عشرين عاما، انتقلت البلاد من مرحلة الأحكام العرفية الى بوابات التغيير الديمقراطي، لكن العقلية الامنية مازالت وبعد كل هذه السنوات لم تتغير كثيرا، ليس فقط بالوسائل والادوات بل بالفكر والممارسة.
لا نريد ان تقع اخطاء في معالجة الاوضاع في معان، نحتاج الى حكماء في الحكومة والاجهزة الامنية، وفي التمثيل الشعبي كي يتعاملوا مع الحالة المتطورة في معان بعقلية اصلاحية، وضبط الخلل من جذوره.
قبل اشهر انتقدنا تقديم دونم ارض لكل معاني، لان هذه الطريقة والفعل لا يحسنان الاوضاع الحياتية لاهالي معان، المحتاجين الى مشروعات انتاجية، وفيها دعوة لتأجيج الاحتجاجات في مناطق اخرى، للحصول على هذه المكاسب.
معان انموذج عن كيفية ادارة الازمات التي تعصف في البلاد، فهل ننجح في الوصول الى حلول منطقية، ام نصل الى ان «نخبط» رؤوسنا بالحائط؟!.