من واجبنا في قضية مثل الإفراج عن السفير أن نسجل لكل الجهات التي أدارت الملف إنجازها وجهدها، لا أن نبحث عما يصور الأمر وكأنه هزيمة، ومن حق من أعادوا السفير إلى أهله ووطنه وعلى رأسهم رجال المخابرات العامة أن يجدوا التقدير وليس البحث عن تفاصيل تظهر الدولة الأردنية وكأنها فاشلة وعاجزة.
كما يقال ( لا يعرف الأمر إلا بنقيضه ) ولهذا فقيمة وأهمية عودة السفير العيطان إلى وطنه وأهله تظهر بشكلها الحقيقي والكامل فيما لو تخيلنا الأسوأ، أي عدم عودته – لا قدر الله–، فعندها كيف سيكون رأي الناس وصورة الحكومة وكل الجهات المسؤولة.
كل الأسئلة الخاصة بكيفية عودته يمكن تجاوزها لو تخيلنا العكس – لا قدر الله–، فإن يكون صفقة أو تبادلأ أو اتفاقية بين الحكومتين فكلها تفاصيل، فكم هي المرات التي تمت فيها صفقات بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال، وحتى خروج أحمد ياسين زعيم حماس من سجنه كان بصفقة كان الأردن جزءاً منها، فالصفقات والتبادل ليست رجساً من عمل الشيطان بل جزء من أدوات حل الأزمات.
الجهات التي أدارت الأزمة وفي مقدمتها جهاز المخابرات العامة تعاملت مع مشهد معقد، فالحكومة الليبية موجودة لكنها غير مؤثرة ولا تستطيع فعل شيء، والتنظيمات عددها بعدد أدوات التقسيم، والقبائل والعشائر تختلط أدوارها مع الميليشيات من جهة ومع الدولة من جهة أخرى، وكان على هذة الجهات الأردنية أن تتحرك بين كل هذه المتناقضات والهدف أن يعود السفير إلى وطنه سالماً معافى.
لو كان الأمر اختطافاً من قبل تنظيم في مكان محدد فربما كان العمل العسكري خياراً مفضلاً، لو كانت فدية أو حكومة لكان الأمر مختلفاً لكنه غير متجانس.
الأردن كانت ثوابت تحركه أولاً سلامة السفير، ثم عدم التفاوض المباشر مع التنظيم المختطف، ولهذا تم استخدام شبكة العلاقات الأمنية والسياسية وحسن نوايا الحكومة الليبية وموقفها الايجابي، وليس انتقاصاً من الدولة أن تقدم ثمناً عادياً مقابل رسالة لشعبها بأنها لا تترك رجالها الذين يؤدون واجبهم نحو أهلهم ووطنهم.
الذين عملوا بجد واحتراف لإنقاذ السفير لم يتحدثوا لأنهم من يقوم الليل لله بالصلاة لا يبحث عن صورة على موقع تواصل وهو ساجد، لكن السلبي كان من بعض المسؤولين الذين كانوا يلتقطون ربع معلومة ليخرجوا بها للإعلام حتى يقال أنهم من ( مطبخ القرار ).
سواء كانت صفقة أو تبادل أو إتفاقية تبادل بين الحكومتين أو تفاوض اختلط فيه الأمني مع العشائري، فإن الجهات التي أدارت الملف حققت انجازاً تستحق عليه الشكر والتقدير، وقيمة هذا الانجاز تظهر لمن لم يدركها لو تخيلنا النتيجة عكس ما كان، وأن سفيرنا لم يعد – لا قدر الله -.