بعد أن أدمنـّا على المديونية لم يعد المزيد منها يثير قلقنا بل أصبحنا نعلن عن عمليات الاقتراض الجديدة وكأنها إنجازات تستحق أن نتباها بغزارتها!.
في صحف الاثنين الماضي تصريح لوزير المالية الدكتور أمية طوقان يبشرنا فيه باقتراض مليار دولار من الأسواق الخارجية قبل نهاية حزيران القادم.
لهجة الإعلان عن قروض جديدة صدرت وكأن هذه القروض تمثل إيرادات ومكاسب لحساب خزينة المملكة. لكن هذه القروض تستوجب السداد مع الفوائد.
إذا كان عجز الموازنة يضطرنا للاقتراض لسد العجز فكيف يمكن سداد القروض، وهل ستحقق الموازنة عندئذ فائضاً يسمح بهذا التسديد، أم أن التسديد سيكون من قروض جديدة وهكذا إلى ما لا نهاية. وهل هناك ضمانة بأن القروض الجديدة ستظل متاحة في المستقبل بالرغم من تجاوز المديونية لحدود الأمان.
الاقتراض الذي يتحدث عنه الوزير يتم بكفالة أميركية، مما يعني نشوء إلتزامين بدلاًً من التزام واحد، فنحن مدينون للمقرض في السوق العالمي وللكفيل الذي له الحق في التأكد من سـلوكنا الاقتصادي بطريقة تجعل السداد ممكناً، فهو لم يكفل لكي يدفع بل لمجرد تأمين إقبال المقرضين على الاكتتاب وتخفيض سعر الفائدة.
صندوق النقد الدولي الذي يراجع أداء الاقتصاد الأردني وخاصة في الجانب المالي، لم ينبس ببنت شفة، ولم ينتقد أو يعترض، بل على العكس من ذلك فقد أشاد بالإجراءات (الحصيفة) للسياسة المالية.
التحسن لذي يشير إليه الصندوق حدث بالمقارنة مع السنة السابقة وكأنها تصلح سنة قياس، وهذا يشبه أن يفرح أهل المريض لان حراراته انخفضت من 42 إلى 41 درجة مع أنها ما زالت عالية جدأً وخطرة.
العجز المالي هذه السنة سيكون كبيراً، الكهرباء وحدها بحاجة إلى مليار دينار ستغطى بقروض، صحيح أن العجز هذه السنة سيكون أقل من العجز الذي تحقق في السنة الماضية ولكنه عجز جديد يضاف إلى العجز المتراكم الذي يتمثل في رصيد الدين العام الذي تجاوز 80% من الناتج المحلي الإجمالي.
الحكومة بصدد رسم خطة أو رؤية لعشر سنوات قادمة، فهل ستقبل الخطة باستمرار العجز في الموازنة وبالتالي ارتفاع المديونية من سنة إلى أخرى، وكيف ستكون صورة المالية العامة في سنة 2024؟.