أول من أمس، حل موعد التئام الهيئة العامة غير العادية لشركة الكهرباء الأردنية المساهمة العامة، ذات الـ75.6 مليون ورقة مالية مصدرة من الشركة، تمثل رأسمالها المدرج في بورصة عمان. إلا أن النصاب لم يكتمل، لسبب بسيط هو أنه لا أحد من المساهمين يملك السيطرة في هذه الشركة. بعبارة أخرى، فإن رأسمالها موزع بين "القبائل"، أكبرها ولي أموال تقاعد الأردنيين، مؤسسة الضمان الاجتماعي، التي تتقدم الجميع بنسبة ملكية تبلغ 17.8 %، فيما البقية دون ذلك، وأقربهم عثمان بدير بنسبة 7 %.ومن واقع تحليل الملكية، نجد أن 11793 مساهما فردا يملكون 51 % من رأسمال الشركة، في حين أن حضور اجتماع الهيئة العامة الأخير اقتصر على 16 مساهما، رغم أهمية الاجتماع في مسيرة الشركة وتجديد امتيازها. لكن يبدو أن ذلك لم يعن شيئا لمساهمي الشركة الذين يقارب عددهم الإجمالي 17440 مساهما.بعد ما فعلته "أليكسا"، وما وجهته الحكومة ووسائل الإعلام من نقد لأداء شركة الكهرباء الأردنية، وكذلك الحديث عن أن مجلس الوزراء وافق على تجديد امتياز الشركة، فقد كان يُتوقع أن يهب مساهمو الشركة لحضور اجتماع الهيئة العامة وإنجاحه، خدمة لمصالحهم الاستثمارية قبل أي شيء آخر. لكن ذلك لم يحدث، ما يعكس حالة من "الكسل" بين مساهمي "الكهرباء الأردنية"، وتقاعسا عن الدفاع عن حقوقهم.ذلك يقودنا إلى نتيجة مفادها أن على جمهور المساهمين عند إخفاق أو إفلاس شركة مساهمة عامة ما، عدم إلقاء اللوم على فساد مدير أو رئيس مجلس إدارة ما، جمع النصاب لاجتماع الهيئة العامة، واتخذ القرار الذي يريده وصادق عليه قانونيا. بل على هؤلاء المساهمين في هذه الحالة، لوم أنفسهم، وتذكر القصة الشهيرة عن الوالد المحتضر وما ضربه من مثل لأبنائه بتكسر العصي منفردة، وصمودها حزمة، بما تحمله هذه القصة من معنى التوحد والتضامن في الدفاع عن النفس والحق والمصالح. بمعنى آخر، على صغار المساهمين الإطلاع على القوانين، ومعرفة حقوقهم وسبل حماية أموالهم.السوق المالية تسيطر عليها في واقع الحال النزعة الفردية. وهي أحد الأسباب الجذرية لضياع حقوق المساهمين. ولكن يفترض بهيئة الأوراق المالية إدراك واقع حال جمهور المستثمرين بصفتها المسؤولة عن حماية المساهمين، وأن تعمل على ترسيخ مفهوم الاستثمار بالشركات المساهمة العامة، والسعي إلى تحويل الاستثمار الفردي إلى مؤسسي. وذلك عبر احتضانها كل ما يمكن أن يوفر البيئة التشريعية اللازمة لنمو صناديق الاستثمار، والتي تُعهد بإدارتها للمحترفين في مهنة الاستثمار، مع وضع الضوابط اللازمة لعملهم.وعند توفير البيئة التشريعية اللازمة، سنجد المسؤولين عن صناديق الاستثمار يتحدثون نيابة عن المساهمين، ويمثلونهم في اجتماعات الهيئات العامة، بما يعزز أهمية قراراتها، ويثري النقاش خدمة للصالح العام. وإذا ما ارتفعت سوية المساءلة والنقاش بشأن سياسات الشركات، واطمئنان المستثمر لها، فإنه سيندفع للاستثمار فيها، ليتوفر بالتالي رأس المال الذي يساهم في نمو حقيقي للشركات، ويعزز مساهمتها في تحسين الاقتصاد، بدلا من النظر عبر المفهوم الضيق الذي يقتصر على الإدراج كوسيلة لتحقيق الثراء بفضل الأرباح الرأسمالية، من المتاجرة أو المضاربة.بخلاف تشجيع صناديق الاستثمار، ستبقى النزعة الفردية هي السمة الغالبة في بورصة عمان. وهي السمة التي ترتبط بغياب المهنية العلمية في المحاسبة والمساءلة للشركات المساهمة. فيما من شأن توفر هذه الأدوات الفاعلة أن يضمن إلى حد كبير تحقيق العوائد المقبولة سنويا لأي مستثمر في شركة مساهمة، وبما يغير الحال بعد المصائب التي مني بها صغار المستثمرين خلال السنوات السابقة.
تقصير المساهمين!
أخبار البلد -