الرسالة الملكية التي بعث بها جلالة قائد الوطن الى رئيس وزرائه الدكتور عبدالله النسور في اعقاب العاصفة الثلجية التي اجتاحت البلاد مؤخرا، ما زالت تتفاعل في كل الاوساط لأنها جاءت منصفة، واعطت كل ذي حق حقه ووضعت الأمور في نصابها، وأشارت بكل وضوح الى جوانب التقصير، مع البناء على الإيجابيات وتلافي السلبيات وأن تكون هناك خريطة طريق واضحة وثابتة الأركان عندما نواجه مستقبلا أي عواصف ثلجية أو ظروف جوية او طبيعية صعبة.
بعد ان اعطى الملك درسا للجميع بأن يكون عملهم في الميدان في مثل هذه الأحوال الصعبة، قام بزياراته المفاجئة لمختلف القطاعات والأماكن النائية، وأشرف بنفسه على توزيع المساعدات العاجلة على المناطق الأكثر انقطاعا وعزلة، ووضع بعد ذلك خلاصة لكامل التجربة التي مر بها الأردن، وضمنها في هذه الرسالة التي يجب أن تسفر عن اجتماعات متتالية ولكل القطاعات لتقييم ما جرى بكل صدق وشفافية، ودراسة ما جاء في الرسالة الملكية، والتي أشارت الى ضرورة وضع خطط مؤسسية ومنهجية للتعامل مع الأحداث المماثلة، والتركيز على اهمية المشاركة بين كل الأطراف بعيدا عن سياسة «الهبة» وان تكون هناك تعليمات واضحة لتعرف كل جهة عملها، وكل انسان واجبه.
لقد ظهرت سلبيات عديدة، مثلما لمسنا ايجابيات كثيرة خلال هذه العاصفة الثلجية، أشار اليها جلالة الملك بكل وضوح، حيث افتقدنا الى حد ما التنسيق بين مختلف القطاعات وأن بعضها بذل قصارى جهده، بينما كانت هناك جهات تقول أكثر مما تعمل.
آليات الأمانة لم تعمل بكامل قوتها لأنه لم يتم صيانتها سابقا وان الامانة عجزت بعد العاصفة عن سرعة ازالة اغصان الأشجار التي تقطعت واحدثت اضرارا في الشوارع ولم تتمكن من التخلص من مئات الأطنان من النفايات التي تراكمت عند الحاويات بالسرعة المطلوبة.
لقد بذل النشامى من رجال قوات المسلحة والدفاع المدني والأمن العام جهودا مميزة أشار لها جلالة الملك بوضوح ولكن في المقابل كان التقصير واضحا في تنظيم حركة السير ومحاولة الحد من الاختناقات المرورية حتى أن الوقت كان يستغرق أكثر من ساعة للانطلاق من جسر الجامعة الأردنية الى الدوار الثامن والذي لا يستغرق في ايام الأزمات العادية أكثر من عشر دقائق الى ربع ساعة في اعلى تقدير، كما ان مؤسسة النقل العام لم تعمل الا بجزء بسيط من اسطولها فزادت بذلك الطين بلة والذين كانوا يعتادون استعمال هذه الحافلات فوجئوا بعدم توافرها وكذلك بعض سائقي سيارات الأجرة اشتطوا في طلباتهم حتى أن اجرة السيارة قبل ايام وصلت الى أكثر من ثلاثمائة دينار بين مطار الملكة علياء الدولي والعاصمة، بينما كان بعض سائق سيارة الأجرة يتقاضى داخل العاصمة خمسة اضعاف الأجرة العادية.
وبالرغم من الجهد التطوعي للشباب الا انه بقي محدودا وبمبادرات فردية، وافتقدنا فرق الدفاع المدني التطوعية من المواطنين والتي كانت قائمة قبل سنوات طويلة حيث كانت العاصمة وباقي المدن والقرى الأردنية فيها من المتطوعين والمتدربين على ازالة الثلوج والمساعدة وكانت تجهيزاتهم توضع في المدارس او المساجد ويكتب: ان هذا المكان لفريق الدفاع المدني التطوعي في جبل الجوفة أو مخيم الحسين او وسط البلد وكان لديهم في المستودعات الأحذية المطاطية والأدوات البسيطة لإزالة الثلوج او فتح العبارات وهذا ما يتطلب من مديرية الدفاع المدني إعادة النظر بمثل هذه التدريبات حتى يكون للمواطن الدور المؤسسي بذلك.
لا نريد الخوض بتقصير شركات الكهرباء خلال العاصفة، فالقضية الان بين يدي القضاء العادل وهناك تحقيقات تجري حول هذا الموضوع ولكن نريد من الجميع أن تكون هناك خطط واضحة مبنية على العلم وتجارب الدول الأخرى وأن لا نعمل وفق سياسة «الفزعة» وأن نكون أكثر جاهزية عند حدوث أي عاصفة ثلجية او أحوال جوية وأن يكون الجميع على قدر المسؤولية على أمل أن يتم ترجمة التوجيهات السامية خلال زيارات الملك الميدانية، وما جاء في الرسالة التي وجهها جلالة الملك لرئيس الوزراء الى برنامج عمل واقعي ومدروس ويأخذ بالحسبان كل الامكانيات وواقع التجهيزات والآليات الموجودة في كل القطاعات العسكرية والحكومية والأهلية.