هل المناخ يتغير في الأردن وهل الموجة الأخيرة دليل على هذا التغيير ؟
اذا كان كذلك فما حصل ليس منخفضا قطبيا بل هو عاصفة ثلجية كاملة الأركان مثل تلك التي تجتاح أوروبا وأميركا وغيرها من الدول ذات الشتاء العاصف .
هذا التغيير الذي بدأت أثاره مبكرا , يفترض به أن يفرض إيقاعا مختلفا في تعامل الدولة والناس , فهي حالة جوية لن تقتصر على هذا الشتاء فحسب , إذ ترشحها التوقعات لأن تتكرر وتصبح أكثر عمقا في السنوات المقبلة بمعنى أننا سنكون في مواجهة شتاءات ثلجية أكثر شدة وربما على مدى الفصل كاملا .
كل ما سبق يفرض على المؤسسات المعنية والناس الانتقال فورا من التعامل مع الظروف الجوية بأسلوب «الفزعة» الى تعامل مؤسسي كما في البلدان التي تجتاحها الثلوج طيلة فترة فصل الشتاء , بما في ذلك التجهيزات اللازمة والاستعداد والمعالجة المسبقة , بحيث تستمر الحياة طبيعية دون اللجوء إلى تعطيل البلاد وإستسلامها الى حالة شلل كامل .
ووجهت المؤسسات المعنية بتأثير تداعيات العاصفة الثلجية بانتقادات حادة , لكن مع ذلك يمكن أن نزيل عنها بعض العتب , إذ أن جاهزيتها بدت ضعيفة أو معدومة إزاء التعامل مع مثل هذه الظروف التي إستعدت لها بخطط لكن بلا أدوات كفؤة لتنفيذ هذه الخطط .
وحدها المؤسسة العسكرية التي برز كما هي العادة دورها في مثل هذه الظروف , وهي جاهزية طبيعية تتواكب مع ما تملكه من إنضباط وجاهزية ومعدات ربما لا تمتلكه أي من المؤسسات المدنية الأخرى سواء أمانة عمان أو البلديات ولا حتى وزارة الأشغال العامة , لكننا لا نتوانى عن أن نقول أن مثل هذه الحلول لا يجب أن تستمر إذ أن دور الأجهزة المدنية يجب أن يرقى لمواجهة مثل هذه الأوضاع التي ستصبح معتادة في ظل التغير المناخي السريع الذي يجتاح منطقتنا .
كل ملاحظات وانتقادات الناس صحيحة وكل تبريرات الاجهزة المختصة صحيحة كذلك , فلا الناس ولا الأجهزة ولا البنية التحتية معدة للتعامل مع مثل هذه العواصف الثلجية العميقة .
الناس الذين خرجوا في عمق العاصفة ليلهوا بالثلج في سيارات غير مؤهلة , فعلقوا وعطلوا وأعاقوا محاولات الأجهزة في فتح الطرق وإيصال الخدمات , والأجهزة التي سبق عجزها مساعيها , كل ذلك كان عنوان الأزمة .
ملاحظة أخيرة يجدر أن لا نختم هنا دون التطرق اليها , وهي أن ما حصل في شركة الكهرباء هو الثغرة التي أصابت خطة التعامل مع الظروف برزت أكثر في أداء طواقم الشركة لكن مع ذلك نقول أن الفرق كبير بين المحاولة والمبادرة والاستجابة وبين التذرع بالعجز وبضعف الامكانات سببا للتقاعس عن تقديم الخدمة أو حتى الرد على شكاوى الناس , هذا هو ما حصل في شركة الكهرباء , لقد كان التقاعس عن أداء المهمة عنوان بعض كوادرها وهذا هو المؤسف حقا فقد خسرت شرف المحاولة .