في حفل الملكية الأردنية بمرور خمسين عاما على تأسيسها استفاض علي غندور كثيرا في ذكريات التأسيس , وبينما إنساق الحضور وراء عواطف الرجل الا أن قليلا منهم ألقى بالا الى تفاصيل ظروف قيام الشركة ومثلها شركات أخرى في تلك الفترة «الضنكا» من تاريخ الأردن .
قيام الملكية كان تجسيدا لشراكة حقيقية بين القطاع العام الذي كان «خداجا « أنذاك وبين رجال إقتصاد يغالبون الظروف في أرض الإمارة أنذاك وآخرين لجأوا بمالهم وعائلاتهم ومستقبلهم الى الأردن ليشكلوا فيما بعد ما عرف برأس المال الوطني الذي وطن النقود والخبرة في تشييد البنى التحتية والشركات الكبرى قبل أن يختطفه المنتفعون , ولا يعرف كثير من الناس أن كل الشركات الكبرى في الأردن قامت بمال القطاع الخاص , فلم تكن الحكومة تملك ما تقدمه سوى بنية تحتية غضة ومرافق مبتدئة , وهكذا كانت الشراكة .
مضت الملكية قبل أن تؤمم في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وهي الفترة التي صعد فيها نجم البيروقراطية الأردنية و التي شهدت موجة تأميم قصرية بقبضة إجتماعية أصابعها سياسية وهي الفترة التي خلفت مديونية بلغت 7 مليارات دينار و ضعفا إداريا وهدرا للمال في توسيع قاعدة التوظيف على حساب المعرفة و التطوير والنتيجة قطاع خاص محلي ضعيف وغير مبادر .
على خطى الملكية كانت هناك مثل شركات أخرى , أسسها رجال إقتصاد على ذات الخطى , مثل الفوسفات التي ولدت عام 1949 برأسمال 3000 جنيه فلسطيني على يد أمين قعوار وشركة كهرباء عمان في عام 38 « الكهرباء الأردنية « لاحقا على يد أبو الكهرباء محمد علي بدير ومثلها مصانع الإسمنت الأردنية ، وشركة التنقيب عن المعادن ، وشركة مصفاة البترول الأردنية .
الإقتصاد الأردني لم يكن اشتراكيا في يوم من الأيام , فالخصخصة على سبيل المثال ليست اختراعا جديدا , ابتكرته مدرسة اقتصادية بعينها فهي قد بدأت منذ تأسيس الإمارة , وإن كانت الحكومة في وقت ما تملكت بعض الشركات التي أسسها فيما مضى تجار أو رجال إقتصاد وعائلات إقتصادية معروفة , فهذا هو الإستثناء .
الأمثلة السابقة تفرغ حديث اليوم عن الشراكة بين القطاع العام والخاص من مضمونه , وأكثر من ذلك هو حديث يصدر من أفواه عباقرة البيروقراطية وسدنة القطاع العام ممن لا يؤمنون بدور أو بصفة للقطاع الخاص سوى أن يكون دائما في قفص الاتهام .