مخططات اسرائيلية في بناء المستوطنات، في القدس وغيرها، وقرارات اداراتهم بردم المنازل والسعي الحثيث لتهويد المدينة المقدسة وغيرها الكثير من الممارسات تأتي تجسيداً لقرارات الصهيونية منذ مؤتمر بازل 1897 الذي أكد أن القدس عاصمة اسرائيل الأبدية، وفي نفس السياق يأتي موضوع هدم المسجد والقبة في أولى الأولوليات كونهما أهم معالم الهوية الفلسطينية التي تستمد منهما كل معاني الصمود والثبات روحانياً وانسانياً وكل شيء قبل هذا وذاك.
إن الحفريات التي جرت وتجري تحت المسجد الأقصى بحثاً عن هيكل مزعوم لا سند له ولا أساس له في التوراة ولا حتى في التلمود انما هي ذريعة لهدم المسجد وردمه، وقد اسفرت ممارساتهم الدنيئة عن تشققات وتصدعات ومنع أي عمل ترميمي بعد حفرياتهم بل وازادوا على ذلك قيامهم باستخدام حوامض ومواد كيميائية لإذابة الصخور وهو الأمر الذي يعرض هذه القبلة المباركة للخطر المحدق وان كنا ننسى فلن ننسى محاولة احراقه من قبل على يد المتطرف الصهيوني (مايكل دنيس) عام 1969 الذي أطاح بالمنبر الشهير (منبر صلاح الدين).
يؤكد المطلعون في اسرائيل وان جاز التعبير أصحاب الاستشراف والرؤى أن المساس بالمسجد الأقصى يعني نهاية اسرائيل في أسباب أوجزها أولها تحرك ملايين المسلمين والمسيحيين على السواء لانقاذه وتغير كامل في سيناريوهات سياسة الدولة بحيث تكون مهاجمة اسرائيل أمراً في غاية السهولة. فهم يصرون أن يبقى الحرم المقدس خارج لعبتهم.
لذلك، فإن الصهاينة لا يمكن أن يتراجعوا عن مؤامراتهم اللعينة إلا إذا شعروا أن الثمن غال ونفيس وهذا يقودنا إلى أن نتأكد أن أطماعهم لا حدود لها في القدس والأقصى فهما بالنسبة لهم مرتكز المشروع الصهيوني المحتل تمهيداً للسيطرة عليه لما له من معان فلا غرابة إذن أن يصدروا القوانين التي تتوافق مع المواقف السياسية وتسويق الأحقية التاريخية والدينية لدى العالم وهم الآن بصدد إذكاء الصراع والاضطرابات في الواقع الغربي لخلق حالة عدم استقرار في المنطقة برمتها.
اما الواقع المؤلم هو أن اسرائيل ترتكب أكبر جرائمها في موضوع التطهير العرقي حيث أقامت الحي اليهودي في القدس وهي عبارة عن بؤر في داخل الحي الاسلامي والمسيحي حيث تمارس ديمغرافياً تقليل السكان في المدينة ليشكل اليهود الأغلبية الساحقة اضافة الى اقامة الانفاق والجسور لاقامة تواصل جغرافي في القدس الغربية يمتد إلى حائط البراق وفتح نفق بين باب المغاربة إلى الحائط.
يدرك الصهاينة تماماً أن القدس ليست فريسة سهلة وأن طال الافتراس فهي روح مازالت معلقة في أفئدة الملايين وتلك الملايين هي صاحبة القرار .. ذلك القرار الذي لا يعرفه أحد وهو الذي نوهت له جولدامائير التي تدرك في مكنونات مقولتها ما تقوله والمتمثل بأنها لم تنم ليلة حرق المسجد الأقصى خشية زوال دولة اسرائيل في اليوم التالي .. ولكنها الحقيقة التي ستكون لو تسارعت الأيام وستبقى الأيام حُبلى بكل جديد ولله في خلقه شؤون.
ودخلت فلسطين عضوية الأمم المتحدة بموافقة غالبية الدول الأعضاء من منطلق مشروع عادل وواضح يتمثل بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ودولته المستقلة على أراضي فلسطين وحق الفلسطينيين في العودة الأمر الذي يعد ابرازاً للقضية الفلسطينية وهو يعد انجازاً لتكون فلسطين دولة مستقلة ذات سيادة وتمنحها الفرصة لنيل حقوقها المشروعة وتأتي أهمية ذلك بأنها هزيمة سياسية لاسرائيل وهي تعطي الفلسطينيين الفرصة الكاملة لمحاكمة مجرمي الحرب امام الجنايات الدولية وهو مسار يجب استثماره انتصاراً للشعب الفلسطيني وحقوقه.
ولا مجال للشك أن الأشياء التي توفرها العضوية هي أدوات ضعيفة لوحدها ولا يمكن أن يكون لها تأثير حقيقي ان بقيت حبيسة جدران الامم المتحدة فأهم شيء في الموضوع هو أن يقف المجتمع الدولي امام مسؤولياته أمام دولة اسرائيل الصهوينية.