يُراعى في الشّعار (اللوغو) -أيّ شعار- أن يحمل معنى تحرص مؤسسته عليه في وجودها الرّاهن، كما في سياساتها وآمالها، كما في تاريخها أحياناً. فالشّعار -مثل العَلَم- رمز تتخذه المنظّمة محليّة أم وطنيّة أم دوليّة، ليكون إشارة بصريّة تُلخّص اسمها وأهمّ أهدافها. والأصل في الشّعار اليوم أن يكون لجماعة من الجماعات اجتمعت على هدف واحد، وإن شهدت بعضُ الضّرورات ممارسات فرديّة.وقد يكون المعنى تاريخاً أو جغرافيا كما في العلم البريطاني الذي يشير إلى الوحدة بين بريطانيا العظمى وشمال إيرلندا، والعلم الأميركي الذي تشير الخطوط الحمراء الثلاثة عشر فيه إلى عدد المستعمرات البريطانية التي استقلّت عن بريطانيا، وعدد النجوم الذي يماثل عدد الولايات المتحدة في طبعتها الأخيرة. كما قد يكون المعنى توجّهاً وهدفاً كمثل شعار الأمم المتحدة الذي يضمّ خريطة للعالم يحتضنها غصنان أو سنبلتان إشارة إلى السّلم الدّوليّ الذي سترعاه المنظّمة.أما إذا كان الشّعار أيديولوجياً فلا بدّ أن يعكس إلى أكبر درجة من الدقّة والرّمزيّة الفكرة المحوريّة التي تقوم عليها الجماعة؛ أمؤسَّسةً كانت أم أفراداً يعلنون عن ولاء معيّن. ومثال ذلك شعار الحزب الشيوعيّ في العالم، الذي لا يكون شعاراً للشيوعيّة دون أن يحتوي على اللون الأحمر (المأخوذ من شعار المقاومة في الثورة الفرنسيّة) وعلى رسم لمنجل (رمز العمال في الزّراعة) ومطرقة (رمز العمال في الصّناعة) في حالة عناق. وبذلك يُلخّص شعارُ الشيوعيّة هذا هدفها في تحرير الإنسان وتمجيد الحياة!أما شعارُ الإخوان المسلمين (أو علَمُهم) فهو دائرة خضراء اللون في أعلاها مصحف وتحته سيفان متعانقان وتحتهما عبارة "وأعدّوا" التي تبدأ بها الآية الكريمة "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ" (الأنفال، الآية 60). ويأتي اللون الأخضر مباشرة من علم الملك عبدالعزيز آل سعود، بعد أن كثُرت زيارات حسن البنا إلى الحجاز، واطّلاعه على الحركة الوهّابية وذراعها السياسيّة المتمثّلة بحركة آل سعود. بل إنّ التّسمية (الإخوان المسلمون) قد أتت من حركة تأسّست في الجزيرة العربية العام 1911 تُدعى "الإخوان" أو "إخوان من طاع الله"، وهم مجموعة من البدو هجروا حياة البادية وكانوا الجيش الأساسيّ للملك عبدالعزيز في أثناء حروبه لتوحيد المملكة. وإذا كان سيف المملكة، ومن قبلهم سيف إخوان من طاع الله، أُريد به أن يكون دليل قوّة وعدل، كما جاء في أدبيات السّعودية وتاريخها، فإنّ سيفيْ الإخوان المسلمين إنما هما سيفا اقتتال وقتل، فلا يكونُ سيفان في شعار أو رمز إلا ليعنيا التحاماً في قتال، وخصوصاً أنّهما مدعومان بعبارة "وأعدوا" التي توجزُ بقية الآية ". ومما يؤيّد أنّ الشّعار الإخوانيّ ليس سوى دعوة للعنف والقتال، أدبيات كثيرة في كلام حسن البنا ومن تلاه، من مثل قوله: "الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا". فالجهاد إذن، هو سبيلهم إلى تحقيق الأهداف السياسيّة، وإلا فما الهدف من إنشاء التّنظيم الخاص؟ وهو فرقة عسكريّة من داخل الجماعة تسعى إلى الاغتيالات؟! ومن العجيب أنّ هذا التنظيم لم يسع في أيّ واقعة سجّلها التّاريخ إلى قتال الإنجليز المستعمرين، بل اقتصرت أعمالُهم على حرائق واغتيال شخصيات مصرية ليست على وئامٍ معهم، وبذا نأتي إلى الجوهر الحقيقيّ لهذه الحركة الساعية إلى السّلطة بالعنف وبالعنف وحده.سنحاول أن نتذرّع بالأمل...