قضية الخطوط الحمراء في الأردن قضية محيرة، حيث يستخدم المصطلح للإشارة الى الصرامة والحزم والجدية في وضع نهاية أو حد للنقاش أو التمادي في امتهان أو إهانة أو انتهاك حدود يعتقد بأنها ينبغي ألا يتم تجاوزها تماما كأنها حدود الله التي أنزلها في القرآن الكريم. المشكلة أن الكلام عن الخطوط الحمراء هو مجرد كلام وأحيانا «منفخة»(Bluffing) وتهديد لا يتم متابعته ولا الالتزام به ولا معاقبة من يتجاوز الخط الأحمر لدرجة أصبح الخط الأحمر أضحوكة ومثارا للسخرية والتندر من قبل العامة والخاصة.
الملك يقول إن الوحدة الوطنية خط أحمر، ورئيس الوزراء يقول إن الاقتصاد الأردني خط أحمر، ووزير المالية يقول إن احتياطات الأمان من العملات الأجنبية في البنك المركزي خط أحمر، ووزير الطاقة يؤكد أن كمية الغاز المستورد من مصر خط أحمر، ووزير الداخلية الحمش يقول إن الأمن والأمان خط أحمر. لم أسمع أحدا من المسؤولين من قمة النظام الى كافة المستويات يتحدث عن كرامة المواطن الأردني كخط أحمر. لقد ألفنا أن المواطن في دول محترمة هو الخط الأحمر وأن الإساءة إليه من قبل أي موظف أو وزير قد يترتب عليها الإطاحة بهذا الموظف وإجباره على الاستقالة نظرا للرمزية التي تمثلها هذه الإساءة لكرامة المواطنين جميعا. قولوا لي بالله عليكم ألم يتم الإساءة للمواطن الأردني برفع الأسعار واضطراره لاختصار وجبات أبنائه؟ ألم يتم الإساءة للمواطن الأردني عندما يفلت الفاسدون أمثال وليد الكردي وغيرهم ممن برأتهم المحاكم من العقاب؟ ألم يتم الإساءة للمواطن عندما يتم اعتقال الناس بتهم إطالة اللسان وقدح المقامات العليا؟ ألم يتم الإساءة لمواطن عندما يتم تعيين صهر رئيس الوزراء وزيرا في ذات الحكومة التي يترأسها سماحة الشيخ عبدالله النسور؟ ألم يتم الإساءة لكرامة المواطن عندما يطلب من المواطن أن يلبس لباس التقوى بدلا من الاحتجاج على ارتفاع أسعار الملابس؟ ألم يتم الإساءة للمواطن عندما يتم تكييف وتدفئة الخيول في الاسطبلات الملكية صيفا وشتاء في الوقت الذي يتم فيه رفع سعر الكهرباء على المواطنين في الشونة وبريقا ونتل والنعيمة وأدر وغرندل؟ كفى خطوطا حمراء، فالخطوط لم تعد خطوطا والأحمر لم يعد أحمر فقد أسأتم للمواطن الأردني وتسببتم له بالهوان وعمى الألوان وفقدان الكرامة والاتزان.