الذين إحترموا إرادة الشعب المصري ودوافعه لثورة 25 يناير 2011 ، عليهم أن يحترموا دوافع المصريين ومطالبهم في ثورة 30 يونيو 2013 ، والذين رحبوا بمبادرة الجيش في حمايته للمتظاهرين والمحتجين ، وإحترامه لتطلعاتهم في أهداف ثورة يناير ، عليهم أن يرحبوا بموقف الجيش نفسه وإستجابته لأهداف ثورة يونيو ، والذين هللوا لقائد الجيش المصري محمد حسين الطنطاوي في إقالته لرئيسه حسني مبارك ، عليهم أن يقبلوا إقالة قائد الجيش المصري عبد الفتاح السيسي لرئيسه محمد مرسي ، فكلاهما قام بالعمل نفسه ، عبر قيادته لإنقلاب ضد الرئيس ، أو إدارته لثورة ضد النظام القائم ، فالجيش تحرك في الحالتين إستجابة لتحركات الشعب وإحتجاجاته ، سواء كانوا مليوناً أو عشرين .
حسني مبارك لم يكن قائداً إنقلاباً ، ولم يصل إلى قصر الأتحادية على ظهر الدبابة ، بل جاء منتخباً عبر صناديق الإقتراع مثله مثل محمد مرسي ، والأول عبر الحزب الوطني الذي أسسه السادات ، والثاني عبر حركة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا ، وإذا كان الثاني مدعوماً من دولة خليجية ، فالأول مدعوماً من أكثر من دولة خليجية ، وإذا بقي الأول برضى أميركي ، فالثاني وصل أيضاً عبر تفاهم " إخواني " أميركي ، وإذا ظهر فساد حسني مبارك بعد ثلاثين سنة ، وإرتكب التجاوزات خلال هذه الفترة الطويلة مما سبب الضيق والضجر والثورة ، فالثاني سبب الثورة خلال عام واحد فقط ، ولو إستمر في الحكم لبقي أكثر من ثلاثين سنة بدون إنتخابات ولكنه إصطدم مع القضاء ومع الإعلام ومع الجيش ومع الجمهور ، فثاروا عليه ، كما سبق وثاروا على حسني مبارك ، ولهذا رحل مرسي قبل أن يُنهي فترته الدستورية للأسباب السياسية والإقتصادية والإجتماعية والقانونية التي فاقمها ، وغدت نتائجها وخيمة على أغلبية المصريين الذين ثاروا ضده ، مثلما سبق وفعلوها ضد حسني مبارك ، وها هم " إخوانه " في قطاع غزة ، وصلوا إلى السلطة عبر الإنتخابات ، ويحكمون منفردين منذ الإنقلاب 2007 ، وإنتهت ولايتهم عام 2010 ويرفضون إجراء أي شكل من أشكال الإنتخابات ، لا إنتخابات لمجالس طلبة الجامعات ، ولا إنتخابات للنقابات العمالية والمهنية ، ولا إنتخابات للبلديات ، وكما قال أكثر من شخصية سياسية مصرية :
" لقد علمتنا تجربة غزة ، أن لا نثق بالإخوان المسلمين ، فالإنتخابات لديهم مثل عود الكبريت يتم إستعمالها لمرة واحدة ، حتى يصلوا إلى السلطة والحكم ، وبعد ذلك ، لا يوجد إنتخابات في برنامجهم ، فالإنتخابات شكل من أشكال الديمقراطية ، وكلا المفردتين : الإنتخابات والديمقراطية ، بضاعة سياسية مستوردة من الغرب ، وفق رؤية الإخوان المسلمين وقناعاتهم ، وليست من التقاليد والأعراف العربية والإسلامية ، فالشورى وراثة عربية إسلامية فقط ، ولكنها لا تمنح إلا لمن يؤمن بها ، وينفذ تعليماتها ، أما أي حزب أو تيار سياسي ينتمي لليسار أو للقومية أو إلى الليبرالية ، فهو غير جدير بالشراكة أو بقيادة الأمة كما يقول قادة " الإخوان " وكتابهم ، لأن فلسفة غير الأصوليين ومرجعيتهم دخيلة علينا ، وغير نابعة من تاريخ الأمة وتراثها وأحكامها " .
الرئيس مرسي ، مثل الرئيس مبارك ، له من الشرعية ما يكفي ، مثلما له من الإخفاقات ما دفع المصريين للتظاهر ضده والعمل على إسقاطه ، وفي الحالتين يمكن أن يعطى للرئيس الحصانة التي تمنع محاكمته إحتراماً لأولئك الذين منحوه الثقة وجعلوه في قمة الهرم الرئاسي .
h.faraneh@yahoo.com