التحقيق التلفزيوني الذي أجرته قناة العاصمة الليبية الفضائية عن سيف الإسلام القذافي، وبث ليل أول أمس، كان حقا مهنياً وألقى الضوء على العديد من التساؤلات حول مصير نجل العقيد معمر القذافي، في أعقاب شائعات عن تهريب «رجل النظام السابق رقم-1» والاتهامات التي كيلت الى قبيلة الزنتان الليبية التي تحتجزه في هذا الشأن.
ظهور سيف الاسلام في التحقيق داخل سجنه في الجبل الغربي، لفترة قصيرة جدا، وإجابته عن ثلاثة اسئلة فقط حددها محاميه، أماط اللثام عن حقيقة مكان تواجده وحالته الصحية ورغبته في إجراء محاكمته داخل ليبيا، في مواجهة شائعات قوية أطلقها «أصحاب أجندات» يريدون إشاعة الفوضى وبث روح التفرقة والإساءة للزنتان على وجه التحديد، ومحورها أن سيف جرى تهريبه خارج ليبيا بعد دفع مبلغ كبير للزنتان، وتقاضي حراس الزنان حوالي 60 ألف دينار ليبي يومياً، وهو ما نفاه القادة، وأكدوا أنهم ومقاتلوهم لو أرادوا بيع ضمائرهم لقبلوا عرض القذافي لينسحبوا من المعركة في أثناء الثورة مقابل ربع مليون دينار ليبي.
والحق أن إجراء التحقيق وبثه بالسرعة القصوى يحسب أولا لقناة العاصمة التي باتت تعد من أهم وأقوى القنوات الليبية التي لا تتورع عن اقتحام أي «تابوهات»، وكشف ما تقدر عليه من حقائق، بعضها مروع، في ظل الأجواء الاستثنائية التي تعيشها ليبيا، ولطالما دفعت الثمن مقابل تلك الجرأة هجوما على مقراتها ومراسليها، دون أن تحيد عن رسالتها الإعلامية التي لا ترضي أبداً كثيرا من الفرقاء.
كما يحسب إجراء التحقيق وبثه الى تلك الديناميكية التي يتمتع بها قادة الزنتان، أولئك الرجال الذين بقوا قابضين على جمر الحق في ليبيا اليوم، التي تتنازعها الأهواء والمليشيات وأصحاب الأجندات كافة.
وكان مثيرا أن سيف الاسلام عبر عن عدم اعتراضه على محاكمته في الزنتان، على اعتبار ان الزنتان جزءاً من ليبيا، رافضا بشكل ضمني نقله الى طرابلس، وهو ما أكده قادة الزنتان، كون طرابلس لا تتمتع بالأمن والأمان والاستقرار الذي يتيح محاكمته فيها، وأكبر دليل أن رئيس الوزراء علي زيدان خطف قبل فترة، بملابس نومه، مؤكدين خضوعهم للقانون، وعملهم تحت إمرة النائب العام.
بشكل عام.. تعرض الزنتان منذ انتصار الثورة الى أوسع محاولة تشويه وتقليل من شأنهم وإساءة الى سمعتهم، رغم أنهم حملوا العبء الاكبر في معركة تحرير طرابلس وقبلها، وبعدها، خصوصا بعد إلقائهم القبض على سيف الاسلام القذافي، والذين تعاملوا معه بخلق إسلامي وإنساني رفيع، يليق برجال الجبل.