ينبغي تفسير معنى الاصلاح الاردني الذي يجري الحديث عنه من اعلى المستويات، طالما الذين يتربعون على سدة السلطات الثلاث لم يعرف عنهم يوما انهم من دعاة التغيير، او الانتماء الى اي مدارس اصلاحية، وإنما محافظتهم على واقع الحال، وما هم عليه من مكاسب، واي اصلاح سيتأتى ممن اقر يوما بوصفه ديناصورا بالمعنى السياسي لحالة التكلس والتحجر، وعدم القدرة على التغيير، وما الذي يمكنه ان يغير ممن تجاوزوا العقد السادس والسابع او يقتربون من الثامن، وهل لمثل هذا التركيب السياسي لتولي السلطات ما يوصل الى الهدف الذي حدده الملك بحكومات برلمانية.
إذا كان الاصلاح يعني دولة ديمقراطية شفافة خالية من الفساد، يتم تداول السلطة فيها عبر صناديق الاقتراع، ومبدأ الاكثرية والاقلية، فهل الحالة النيابية وواقع السلطة التنفيذية وما في القضائية، مما يستوجب التطوير والارتقاء والنصوص الدستورية، بإمكانها كما هي تحقيق اي خطوة على طريق مثل هذه الدولة! وهل اتاحتها والسير جدياً نحوها يمكن ان يتم بمثل هكذا ادوات!
ما يسميه رئيس الوزراء "الاصلاح الاقتصادي" الذي يتفاخر به، اوصل الناس الى البؤس وهم يجاهدون من اجل لقمة العيش ومستلزمات الحياة، وحال السياسي اكثر سوءاً؛ بدلالة غياب الحوار مع المعارضة الرئيسية والنخب الوطنية الاصلاحية، والاصرار الرسمي على عدم التفاعل الايجابي مع الحراك الشعبي، العام منه والشبابي.
والحال يعني إبقاء القديم على قدمه، والمحافظة عليه، ومنع التغيير فيه بأي درجة من الدرجات، والواقع الآن يتحدث عن عدم أي تغيير جدي منذ انطلاق المطالبة بالاصلاح، حتى إن التعديلات الدستورية الاخيرة لم تقدم جديدا في مستويات الحكم كافة.
ويبدو في المشهد ان ادوات الحكم المستمرة استطاعت الاستفادة من أجواء ما يجري في سورية ومصر وليبيا واليمن، وحتى تدهور الاوضاع في تونس المرشحة للاتساع، وحولته فنياً الى رعب في النفوس، وعبره لمنع السير نحو اي تغيير.
اما الاصلاح نفسه إن كان منشوداً حقاً كما يتم الترويج له رسميا بالمناسبات، فإنه يحتاج الى ثورة بيضاء تؤمن الدولة والشعب بكل مكوناته واطيافه من الفوضى، وهذه ليس سوى الملك يقدر عليها الان.