" الإنطباع الواضح ، الناشيء عن سلوك دولة إسرائيل هو أنها تعمل في جنوب الخليل ، في قرية زنوتا ، مثلما تفعل في غور الأردن ، في قرية خلة مكحول ، تدير سياسة مقصودة ، منهجية ، لطرد أصحاب المكان وسكانه الفلسطينيين ، من الفلاحين والبدو والرعيان ، كي تضمن ضم هذه المنطاق وأراضيها " ، بعد أن تكون خالية من أصحابها وساكنيها من العرب الفلسطينيين .
هذا الكلام حرفياً غير منقول عن لسان عربي فلسطيني ، مسلم أو مسيحي ، بل كتبه يهودي إسرائيلي ، بإسم أسرة تحرير صحيفة هأرتس العبرية ، وهي جملة إقتطعتها من إفتتاحية الصحيفة الصادرة يوم 13/10/2013 ، والتي ختمت مقالها الإفتتاحي حرفياً بقولها " سكان زنوتا ، مثل سكان خلة مكحول ، ومعهم ألاف من السكان ، هم فريسة سهلة لإسرائيل ، لأنهم من الرعاة الذين لا يملكون وسائل السكن الحديث ويعيشون في السكن الفلسطيني القديم من الخيم وصفائح الزنكو " وتدعو الصحيفة محكمة العدل العليا ، لإنصافهم ، كون قضيتهم منظورة أمام المحكمة ، بمبادرة من قبل " جمعية حقوق المواطن " الإسرائيلية ، المعروف عنها دعمها وإنحيازها للفلسطينيين سواء ضد التمييز العنصري الواقع عليهم ، في مناطق الإحتلال الأولى عام 1948 ، أوضد الإحتلال العسكري الإستعماري الواقع عليهم في مناطق الإحتلال الثانية عام 1967 ، وقد ورث الجمعية ، القائمين عليها الأن ، من مؤسسها الراحل يسرائيل شاحاك ، أحد أبرز رموز حقوق الإنسان في إسرائيل ، وأحد أبرز مناهضي العنصرية والتمييز والإحتلال الإسرائيلي ، وأحد الداعمين لنضال الشعب الفلسطيني .
شعب فلسطين يعاني الأمرين ، لا إستقرار ولا طمأنينة ويفتقد للعدالة وحق العيش بكرامة ، وبلا حياة أمنة يعيشها مثل باقي بني البشر ، مقدساته الإسلامية والمسيحية تُنتهك ، وبلا ضمانات صحية أو معيشية ، وممتلكاته الموروثة من الأباء والأجداد معرضة للسرقة والنهب ، عينك عينك ، فإلى متى يستطيع الفلسطينييون الصبر على سلوك المشروع العدواني الإستعماري الإسرائيلي وسياساته ؟؟ وعلى مثل هذه الإجراءات المدمرة لحياتهم ؟؟ وإلى متى يبقى الضمير العربي والعالمي ، المسلم والمسيحي ، ساكناً في تعامله مع هذه الوقائع بدون رفضها ، وعدم التصدي الجدي لها بلا فعل مؤثر يقف إلى جانب الفلسطينيين وهم بحاجة للإنصاف ، وردود الأفعال الدولية قد تسهم في ردع فظاظة الإحتلال وعنجهيته ، وأفعالهم قد تسهم جدياً في إستعادة حقوق وكرامة الشعب الفلسطيني ؟؟ .
العرب يملكون الطاقة والمال والسوق والعلاقات التي تؤهلهم لأن يكونوا أصحاب قرار بالقانون والدبلوماسية عبر تحريك الأرصدة والتلويح بإغلاق السوق أمام البضائع والسلع الأميركية ، وتسييس قضية النفط والغاز وتوظيفها لمصلحة قضايا العرب وأمنهم وكرامتهم ومقدساتهم ، لا أن تكون وبالاً عليهم لتدمير حياتهم كما يحصل الأن في مصر وسوريا ، حيث يتم توظيف البترول والغاز دولار لمصلحة أميركا ومشاريعها ومخططاتها ومصالحها على حساب العرب ووحدتهم !!.
والعرب ليسوا بحاجة للحرب حتى يساعدوا الفلسطينيين لإستعادة حقوقهم وممتلكاتهم وحريتهم ، ولكنهم بحاجة لممارسة أفعال مؤثرة على المستوى الدولي كي تؤثر على المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ولجمه ، وهم قادرون على ذلك ، وحيال ذلك يقول لورنس ديفيد سون ، أستاذ التاريخ في جامعة ويست تشيستر في ولاية بنسلفانيا الأميركية ، والناشط في العلاقات والسياسات الدولية ، كتب في الميدل إيست أون لاين يوم 24/9/2013 يقول " من وجهة نظري ، سيكون السلاح القابل للتطبيق ضد مثل هذا العناد الإسرائيلي الشرس ، هو المقاطعة الأقتصادية الشاملة لإسرائيل على مستوى العالم جميعاً على غرار نموذج جنوب أفريقيا " التي سقط نظامها الإستعماري العنصري بدون حرب ، وأذعن لحقوق الأفارقة تحت الضغط الدولي والمقاطعة الأقتصادية .
h.faraneh@yahoo.com