اكد جلالة الملك خلال اجتماعه مع مجلس امناء مركز الملك عبدالله الثاني للتميز ،ان الادارة الحكومية شهدت تراجعا في الأداء وترهلا غير مقبول يجب تداركه واصلاحه ،وقد احسنت ادارة المركز في اظهار اسماء الجهات التي لا تزال تسجل ضعف انجاز في عملية التطوير والتحسين لديها ،حيث اشار نائب رئيس مجلس امناء المركز في كلمته التي القاها خلال حفل توزيع الجوائز «الى ان تسمية المؤسسات والوزارات ليس بهدف تصيد الاخطاء أو التجريح،بل تحفيز تلك المؤسسات للأرتقاء بأدائها الوظيقي» وهذا بلا شك سيؤدي الى تسليط الضوء على هذه الجهات ويجعلها حريصة على بذل الجهود لتطوير اداؤها وتحسين خدماتها المقدمة للمواطنيين ،كما يساعد هذه الجهات في التعرف على جوانب الضعف لديها ،فالمعالجة لابد ان يسبقها تشخيص واضح لمواطن القوة والضعف .
وقد تناول العديد من المهتمين هذا الموضوع وارجع بعضهم اسباب تراجع الأداء الحكومي الى عدة جوانب منها الجوانب المتعلقة بالربيع العربي والجوانب المتعلقة بالجهود الحكومية الخاصة بتحديث وتطوير الأجراءات وغيرها ،الا انني اجد نفسي مخالفا لتلك الاراء،واعتقد ان وجود التحديات المذكورة يدعونا الى بذل جهود مضاعفة لتجاوزها وليس الاستسلام لها ،وما يعزز ذلك ان هناك عددا من الوزارات والمؤسسات تمكنت من الحصول على الجائزة ضمن الأجراءات الحالية المعمول بها ،كما ان العديد من المؤسسات التي شهدت اعتصامات واستقالات في العام الماضي والتي قامت بمضاعفة جهودها وتطوير اعمالها تمكنت من تجاوز اثار تلك التحديات و الحصول على احدى الجوائز التي يتم التنافس عليها للتميز ، لذلك فأن ارجاع اسباب التراجع دائما الى الأجراءات والمستجدات والأوضاع السياسية والأقتصادية من شأنه ان يبعدنا عن البحث حول السبب الحقيقي للتراجع ، فما يجب بحثه هو اسباب عدم قيام بعض الجهات بالجهود اللازمة للأرتقاء بعملها وعدم وضع الخطط والبرامج والأستراتيجيات والعمل ضمن منهجيات علمية تحقق لها افضل النتائج .
ما يجب الأشارة اليه ان الفائدة تتحقق بالنظر الى الأمام والاستفادة من الأخطاء السابقة فالتركيز على البحث في الخطوة التالية لتقرير مجلس امناء الجائزة هام جدا ،وما هي الأجراءات المقترحة للأرتقاء بالأداء سواء للجهات التي شهدت ضعفا بهدف تدارك اسباب هذا الضعف ،أو الجهات التي شهدت تميزا بهدف المحافظة على هذا التميز وتعزيزه، او حتى الجهات التي لم يذكر عنها شيئ سواء بالتراجع او التميز والذي يوحي انها بقيت ضمن نفس المستوى من الأداء ولم تقدم اي شيئ لتطوير اعمالها لذلك من المناسب الوقوف على الحقائق والمقترحات التالية:-
* ان دعم الأدارة العليا لجهود التحديث والتطوير ورفع الأداء وتحفيز العاملين لديها هام جدا ،وقد شاهدنا منذ نشأة الجائزة كيف استطاعت» الجهات التي حظيت بمتابعة حثيثة واشراف مباشر من الأدارة العليا « الحصول على الجائزة بينما شهدت الجهات التي لم تلقى دعم الأدارات العليا تراجعا كبيرا في اعمالها ،لذلك لابد من العمل على توجيه الأدارات العليا في الوزارات والمؤسسات على ضرورة دعم جهود الأصلاح والتطوير في المؤسسات فعلا لا قولا ،وهنا اقترح ان يتضمن تقرير تقييم المؤسسات ذكرالعدد الأجتماعات التي عقدتها الادارات العليا لبحث خطط واستراتيجيات المؤسسة وأن يتم الافصاح عنها ،فكيف سيقتنع الموظف ويعمل على مضاعفة جهوده اذا لم يلقى اهتمام ومتابعة من الادارة العليا لجهود التطوير والتحديث ؟ وكيف له ان يناقش خطط واستراتيجيات مؤسسته اذا كانت العديد من الادارات العليا لا تعير موضوع الجائزة وجهود التطوير اي اهتمام أو اولوية ولا تقوم بعقد اي لقاء مع المختصين في المؤسسة لمناقشه هذه الاستراتيجيات والخطط ؟
*ان قيام المؤسسات الحاصلة على الجائزة بالعمل ضمن نفس المستوى الذي عملت به اثناء مرحلة التقييم امر مطلوب ومن الضرورة ان لاتركن هذه المؤسسات او يتراجع اداؤها بمجرد حصولها على الجائزة ،كالطالب الذي يدرس فقط لغاية النجاح في الأمتحان ،لذلك فأن وجود الية للتأكد من استمرار الجهات الحاصلة على الجائزة بالعمل في كل الأوقات ضمن المستوى المطلوب سيضمن استمرار المؤسسات بمواصلة جهودها لتحسين خدماتها المقدمة.
* ان التركيز على موضوع النزاهة الوطنية والأجراءات التي تقوم بها المؤسسات والأدارات لتعزيزها والأجراءات التي تقوم بها لمكافحة الفساد قبل وقوعه ،اضافة الى أجراءات الشفافية والأفصاح التي تراعيها معايير الجائزة من شأنه ان يحفز الجهات المختلفة للعمل على تعزيز النزاهة الوطنية لديها ، لذلك يقترح ادراج بنود ضمن معايير التقييم تبين مدى قيام المؤسسات المتنافسة على الجائزة بتطبيق معايير النزاهة الوطنية والأجراءات التي تعمل على مكافحة الفساد لديها الى جانب الأجراءات الأخرى التي تقوم اللجنة الملكية المعنية بتعزيز النزاهة الوطنية بمناقشتها .
*لا شك ان الهدف الرئيسي ليس الحصول على الجائزة فقط وانما الأرتقاء بالأداء العام وتحسين مستوى الخدمات المقدمة ،ولا يقتصر ذلك على مؤسسات القطاع العام وانما يمتد الى كافة القطاعات في المملكة ،لذلك نرى ان ادارة الجائزة تقوم سنويا بتعديل معايير ومحاور الجائزة المختلفة في ضوء المستجدات والتغذية الراجعة لديها ’حيث اعدت جوائز للعديد من المؤسسات في القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية والبنوك وغيرها ، ويقترح في هذا المجال ان يكون هناك اجراءات اضافية لتحفيز التنافس بين المؤسسات والوحدات المتشابهة ،فالجامعات الرسمية وغير الرسمية مثلا والتي شهد بعضها اعمال عنف جامعي لابد من تقييم عملها والتنافس حول اجراءاتها المتعلقة بتطوير العملية التعليمية واجراءتها الهادفة الى الحد من العنف الجامعي لديها ،والبلديات التي شهد معظمها تراجعا كبيرا في مستوى الخدمات لابد من تقييم خططها واستراتيجياتها وبرامجها والتنافس فيما بينها لتحسين خدماتها. كما لابد من التركيز على تشجيع التنافس بين الشركات المساهمة سواء المساهمة العامة او الخاصة للتنافس حول تطوير اعمالها وتطبيق مفاهيم الحوكمة الرشيدة والشفافية والافصاح والنزاهة الوطنية لديها وأجراءاتها لمكافحة الفساد.
ما يمكن قوله في هذا المجال ان هناك من يعتقد ان موضوع تطوير اجراءات العمل وتحديثها وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن وتعزيز موضوع النزاهة الوطنية والشفافية والأفصاح والعدالة و مكافحة الفساد لديها هي مواضيع تندرج ضمن الجانب الأداري للمؤسسة ولا تقع ضمن اعمال المؤسسة الأستراتيجية لذلك نراها لا تعيرهذه المواضيع الأهتمام الكافي ،الا ان مايجب الأشارة اليه الى ان عدم منح هذه المواضيع الأهمية الكبيرة سينعكس سلبيا على المؤسسة نفسها وعلى العاملين والمساهمين فيها وسيحد من قدرتها على تحقيق النتائج والعوائد المطلوبة لأستمرارها ، في حين ان منح الاهمية لهذه القضايا من شأنه ان يمكن هذه الجهات من تحقيق افضل النتائج واعلى العوائد سواء للمؤسسة او العاملين او المساهمين فيها بما ينعكس في مجمله على تعزيز النمو الأقتصادي الذي يعمل بالنهاية على تحسين مستوى معيشة المواطن الأردني.