أخبار البلد - في المراحل السابقة، كانت بعض الحكومات تأتي ومعها وزارات جديدة الهدف منها إرسال رسائل سياسية للداخل أو الخارج حول الاهتمام بملف ما، مثل التنمية السياسية أو الشؤون البرلمانية أو حتى شؤون المرأة، إضافة إلى أقدم تلك الوزارات وهي التنمية الإدارية قبل أن تتحول إلى تطوير القطاع العام. وكان الدفاع عن وجود هذه الوزارات بأنها لفتح الأبواب أمام مساعدات دولية في هذا الاتجاه، أو للإعلان عن تعامل مؤسسي مع ملف كل وزارة. لكن التجارب كانت في معظمها أقل من المتوسط من حيث الإنجاز، وكان الأمر يعتمد على نشاط الوزير أو على "اختراعه" لنشاطات ومبادرات وأعمال لو لم تكن موجودة لما تغير الأمر كثيراً.
وبشكل مباشر، ونحن على أعتاب ظهور حكومة المرحلة القادمة، فإن المطلوب أن يكون كل شكل الحكومة وتفاصيلها رسالة سياسية، سواء من حيث النوعية أو العدد أو الملفات. وهنالك وزارات ضرورية ولا غنى عنها، لكن هنالك رسائل لابد منها ولابد من قراءتها عند إعلان تركيبة الحكومة وفي الاتجاهات التالية:
* إنهاء ظاهرة وزراء الصدفة الذين لم يكونوا يوماً يتوقعون أن يكونوا وزراء، ولا يتوقعهم الناس أن يحملوا هذا اللقب، ويدخلون ويخرجون من دون لمسة إلا ما يتركونه من تأثير سلبي على مكانة الموقع.
* لا بد أن تكون النكهة السياسية واضحة في الحكومة القادمة، أي وزراء سياسيون لهم مضمون سياسي معلوم وواضح، وأن يتم قراءة المضمون السياسي للحكومة من المواطن مباشرة من دون الحاجة إلى محللين وخبراء.
* الجرأة في إلغاء بعض الوزارات أو دمج عدد منها في إطار واحد بدلاً من حالة التوسع الكبيرة. وما أشار إليه الرئيس المكلف من حكومة قادمة تتألف من 21 إلى 23 وزارة أمر إيجابي، وهذا يحتاج إلى إلغاء لوزارات الدولة التي تكاثرت خلال حكومات عديدة وكانت من دون واجبات مهمة، بل إن مهام الوزير يمكن لموظف نشيط أن يقوم بها. كذلك لابد من إلغاء تلك الوزارات التي قلنا إن وجودها حمل رسائل سياسية، والاكتفاء بمديريات، أو دمج بعضها لأن أمامنا تجربة كبيرة بعضها زاد على 13 سنة في بعض الوزارات ولا جدوى كبيرة لها.
* أما وزارة شؤون المرأة، فأعتقد أنها إضافة غير ضرورية، ليس لعدم أهمية قضايا المرأة، بل لأن لدينا عددا من الهيئات والمجالس العليا والمهمة، مثل اللجنة الوطنية لشؤون المرأة وغيرها. وبالتالي فإن وجود وزارة للمرأة لابد أن يتبعه إلغاء كل الهيئات المستقلة وهي جهات رسمية أو شبه رسمية، أما الاستمرار بالتكاثر لذات العناوين فهو أمر غير مفهوم.
محصلة الأمر أن الحكومة القادمة غير عادية لأن الظرف غير عادي. وبالتالي، فهي فرصة لخطوات غير عادية، ربما لم يكن بإمكان أي رئيس مكلف أن يقوم بها في غير هذه الظروف السياسية.