بقلم: فايز شبيكات الدعجه
ما كان وزير الداخلية ينطق عن الهوى عندما كشف في حواره مع جريدة الرأي قبل أيام ،وفي سياق حديثه عن محور الحدود السورية (ان كميات لا يستهان بها من الأسلحة وأجهزة اتصال يتم ضبطها يوميا ) ،هذا على الحدود السورية وحدها ،وعند المعابر الشرعية وغير الشرعية التي تعد بالعشرات .
تتفجر هنا الأسئلة الكبيرة عن الحل ،لعل أولها الكتلة المتجهة نحو الوزير نفسه عن هذا الغيض من الأسلحة ...ماذا عن فيض الكميات اليومية التي لا يتم ضبطها ،ولمن تتجه ،والى من يسلمونها، ولماذا يجري إدخالها الى البلاد ، وكيف سيتم استخدامها ،وضد من ،ومتى ،وأين ؟ .
المؤكد ان تصريحات الوزير تسند الى تقارير موثقة وهو يعني ما يقول، ويدرك ان الاستقرار الأردني يقف الآن في مواجهة حقائق القاعدة الأساسية الراسخة في عالم التهريب ،وهي ان معدل نجاح عمليات التهريب يعادل أضعاف إخفاقها ،بدليل انتشار المواد المهربة وخاصة الأسلحة والمخدرات، رغم كل الإجراءات الحدودية المسلحة ،واستخدام الوسائل الأستخبارية ،والأجهزة التكنولوجية المتطورة في مكافحتها ،ومع ذلك لم ينقطع التهريب يوما ،ولم تتوقف عجلة إدخال الممنوعات عبر المعاير الشرعية وغير الشرعية ،ونذّكر هنا بسيارة بطيخ ضبطت في محافظة مادبا وبداخلها شحنة أسلحة مضادة للطائرات ، وضبط كميه مشابهه في محافظة معان .
والأسئلة الملحة الأخرى تتجه صوب مدير الأمن العام ،وعن دوره في تقليم أنشطة الجهاز وتخليصه من شوائب العمل وملوثاته ،وفي إعادة ترتيب أولويات مؤسسة الأمن لمنع استخدام تلك الأسلحة ،ومراقبتها ،وتتبع مسارها ،وملاحقة حائزيها وضبطها ،في ظل تمزق الجهاز وتشتيت إمكانياته البشرية والمادية ، وانشغاله بواجبات هامشية متشعبة تحت مفاهيم الأمن الناعم ومؤسسة الأمن العصرية وغيرها من العناوين المشبوهة ،والتي بلغت ذروتها بتكليفه بمهمة مذلة لمتابعة شؤون أﻟﻜﻼب واﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﻀﺎﻟﺔ ﻣﻨﮭﺎ ،وضبط من ﯾﻘﺘﻨﻲ ﻛﻠﺒﺎً ﺿﻤﻦ ﺣﺪود الأﻣﺎﻧﺔ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﺮﺧﺼﺎً وﻓﻲ رقبته ﻃﻮق ،وﻣﻌﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫ ﻟﻮﺣﺔ ﺗﻌﺮﯾﻒ ﻣﻌﺪﻧﯿﺔ ﺻﺎدرة ﺑﺸﺄﻧﮫ ،وﻓﻘﺎً لأحكام ﻧﻈﺎم ﺗﺮﺧﯿﺺ أﻟﻜﻼب كما ورد بدليل عمل شرطة البيئة ،هذا إضافة لشرطة الخادمات العاملات في المنازل التي تم استحداثها مؤخرا، والى الكثير أشكال الميوعة الأمنية المخجلة والمطأطئة للرأس .
ليس هذا من نسج الخيال ،وإنما حقائق مؤكدة يمكن الاطلاع عليها بسهولة عبر الانترنت ،والتي أصبحت ذات أولوية وحلت محل واجبات منع وضبط الجريمة الأصيلة ،ولم يعد رجال الأمن العام كما كانوا يحصون المجرمين عددا ويصفدونهم بالأغلال بددا،ولا يغادرون منهم أحدا ، وليس في هذا مبالغة أيضا بدليل أن كل القضايا الجنائية الكبرى لا زالت مجهولة ،وفشلت او توقفت فيها إجراءات التحقيق، كجرائم القتل المنسيّة التي وقعت في جامعة الحسين ،وقضايا الشهداء الملازم عبدالله الدعجة وقيس العمري والرقيب احمد مقابلة والملازم فيصل السعيدات والشرطي إبراهيم الجراح التي اندثرت ملفاتها.