الكاتب القومي فهد الريماوي يكتب : ثورة الياسمين تعطر ارواح الملايين

الكاتب القومي فهد الريماوي يكتب :  ثورة الياسمين تعطر ارواح الملايين
أخبار البلد -  

أخبار البلد - يحدث ان يستعير الواقع صفة الخيال، وان يستدين الخيال لغة الواقع، فيصبح الواقع اكثر خيالية من الخيال، ويمسي الخيال اكثر واقعية من الواقع·

يحدث ان يرتدي الممكن ثوب المستحيل، وان يلبس المستحيل لباس الممكن، فيصبح الممكن اكثر استحالة من المستحيل، ويمسي المستحيل اكثر امكانية من الممكن·

يحدث ان يختار الضعيف مكانة القوي، وان يرتضي القوي موقع الضعيف، فيصبح الضعيف اكثر قوة من القوي، ويمسي القوي اشد ضعفاً من الضعيف·

ذلك بالضبط ما وقع مؤخراً في تونس الخضراء والشماء، حيث تفوق الواقع على الخيال، وتقدم الممكن على المستحيل، وانتصر الشعب الذي استضعفوه وحكموه بالحديد والنار، على الطاغية المستبد الذي حسب انه مؤبد في الحكم، ومخلد في التاريخ، فاذا به مشرد في القفار، ومطارد من الانتربول·

خلال ايام معدودات قرعت القارعة وقامت القيامة·· حمل الشعب التونسي روحه على راحته، وامتطى صهوة عزيمته، وهرع الى الميدان شاهراً دمه، وتصدى لرصاص الجلاوزة بباقة من اشعار ابي القاسم الشابي الذي آمن بارادة الشعب، وجعل منها شرطاً لاستجابة القدر·

خلال ايام معدودات انقلبت الموازين واختلفت المعادلات·· فقد فاجأ الشعب التونسي حكامه السادرين في السطو والتسلط، واستبق نخبه واحزابه ونقاباته المقموعة هنا والمنفية هناك والمترهلة هنالك، كما اثار دهشة سائر العرب الذين دبت فيهم الروح وعادت اليهم انفاس الحياة، شأن الجاري حالياً في ارض الكنانة·

كثيرة هي الدروس التي يتعين استخلاصها من انتفاضة الياسمين التونسية المباركة، فهي حدث استثنائي وظاهرة خارقة وغير اعتيادية، وليس من شك ان عبرها ودروسها ودلالاتها مفعمة بالاهمية والدسم والمصداقية، وسوف تلقي الاضواء الساطعة على جملة قضايا ومواقف واعتبارات، ابرزها ما يلي··

1 - اثبتت هذه الانتفاضة المجيدة ان الوجدان العربي مازال واحداً وموحداً، وان الشعب العربي مازال قومياً وعروبياً، رغم كل الحدود والسدود التي تمزق وطنه الكبير وتباعد بين صفوفه منذ امد طويل، ورغم ثقافة التجزئة القطرية والاقليمية التي تهطل عليه في كل الاوقات، ومن جميع الجهات·

صحيح ان هذه الانتفاضة قد حظيت بالكثير من الاهتمام والاحترام على صعيد العالم بأسره، غير ان الاستقبال الشعبي العربي، والاحتفال بها، والتفاعل الشديد معها فاق كل تصور، وشكل علامة فارقة سيكون لها ما بعدها، وكشف النقاب عن اشواق الملايين ما بين المحيط والخليج الى بزوغ فجر مرحلة عربية جديدة·

ومن المؤكد ان الثورة التونسية المباركة قد شكلت طليعة وقدوة وقوة مثال لجماهير الامة العربية، واوضحت ان الوضعية العربية الراكدة والخامدة، ليست سوى قشرة سطحية تخفي تحتها حالة شعبية ناضجة للتغيير، ومهيأة لقلب صفحة الماضي والانتقال الى مرحلة نوعية جديدة، شأن ما سبق ان حدث في دول اوروبا الشرقية منذ مطالع عقد التسعينات من القرن الماضي، ودول امريكا اللاتينية منذ مطالع القرن الحالي·

2 - لقد اثبتت هذه الانتفاضة الباسلة ان الدولة الامنية واهية ومتخلفة وانكشارية، فهي قوية في ظاهرها، ولكنها ضعيفة في جوهرها، ومتناحرة في علاقاتها الداخلية التي غالباً ما تحكمها صراعات مراكز القوى ومواقع النفوذ السياسية والاقتصادية والجهوية والشللية·· (تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى)·

بفضل انتشار الوعي الديموقراطي، وتعدد منابر الاعلام والاتصال، وتحول العالم الى قرية صغيرة، باتت الدولة الامنية جزيرة مارقة ومسرطنة تترنح خارج حدود العصر، بل خارج القدرة على تجديد حيويتها وحماية نفسها·· فهي خائفة ومعزولة رغم ادعاء الشجاعة، وهي منخورة ومهزومة رغم التظاهر بالبأس والصلابة، وهي قابلة للتداعي والانكسار لدى اية مواجهة حاسمة مع القوى الشعبية الواثقة من نفسها، والمصممة على اهدافها، والمستعدة لدفع ثمن حريتها وانعتاقها·

بأم العين، شاهد العالم بأسره كيف سقط النظام التونسي (وبعده المصري) بسرعة الضوء كما لو انه هيكل خشبي متهالك، وكيف سارع رجالاته واركانه الى الانقلاب عليه والتبرؤ منه والنجاة بأنفسهم بعيداً عنه·· ذلك لانهم ليسوا الا عصابات من الانتهازيين والمتسلقين الفاسدين الذين خدموا النظام لقاء المغانم والامتيازات، وليس جراء المبادئ والقناعات، ولعلهم في كل ذلك يشبهون نظامهم الذي لم يكن اقل منهم خيانة وفساداً·

3 - خلافاً للاوهام والتخرصات الامريكية والاوروبية التي تصورت ان الدولة العربية محصورة بين خيار النظام الاستبدادي، او خيار الحكم الاسلامي·· كشفت الثورة التونسية الوليدة عن عودة الروح والفاعلية الراديكالية الى القوى الوطنية والقومية واليسارية والديموقراطية، واثبتت بالملموس ان هذه القوى كانت صاحبة الدور الاول والباع الطويل في تأجيج هذه الثورة وتأطيرها وقيادتها الى الانتصار·

في اوقات سابقة شن النظام العربي بقيادة السادات، حملة ابادة على كل القوى الوطنية والقومية والتقدمية، كما غض الطرف - لحسابات محلية وعالمية - عن تنامي القوى والجماعات الاسلامية التي ما لبثت ان سيطرت على الشارع العربي، قبل ان تنقلب على ذلك النظام الذي رعاها، وتجندل السادات الذي اطلقها من عقالها، وتعادي النظام السعودي الذي مولها وسلحها وارسلها للحرب ضد السوفيات في افغانستان، وتشغل بالتالي النظام العربي واسياده الامريكان عن ملاحقة تلك القوى الوطنية والقومية التي وجدت في كل ذلك فرصة لالتقاط الانفاس، واستعادة الحيوية والفاعلية والحضور الميداني·

عام 1979 دشنت ثورة الخميني الايرانية عهد الثورات والانظمة الاسلامية، وشكلت مصدر الهام لعدد من الحركات الاسلامية التي اقتدت بها، ونسجت على منوالها، وتسلمت الحكم في بلدانها، مثل حركة طالبان التي أسست نظامها الاسلامي في افغانستان، والثنائي البشير - الترابي الذي اعتلى صهوة الحكم في السودان، ناهيك عن بعض الفصائل الاسلامية التي حاولت بناء نظام اسلامي في الصومال·· ولكن يبدو ان الاعوام الثلاثين التي تفصلنا عن الثورة الخمينية قد حملت في احشائها الكثير من المتغيرات والمستجدات التي يمكن اعتبار "ثورة الياسمين" التونسية احد ابرز مظاهرها وتجلياتها، وبما يعني "صحوة" القوى الوطنية والقومية والديموقراطية، ونزولها الجماعي الى ساحات النضال جنباً الى جنب مع اشقائها في الحركات الاسلامية، ولكن من موقع المناددة، وعلى قدم المساواة·

4 - اثبتت ثورة الياسمين التونسية ان الهموم الوطنية لا تنفصل عن الاهتمامات القومية، وان المطالبة بالخبز والحرية لا تفترق عن الدعوة لوقف التذيل للاجنبي والتطبيع مع العدو الصهيوني·· ولا ضرورة هنا للشرح والتفصيل !!

 

 

شريط الأخبار هيئة الطيران المدني: لا تغيير على حركة الطيران بين عمّان وبيروت وزير الشباب الشديفات يلتقي الوزير الأسبق النابلسي البقاعي رئيسا لمجلس إدارة شركة مصفاة البترول الأردنية وزارة "الاقتصاد الرقمي" حائرة بين 079 و077: من الهناندة إلى السميرات! مقال محير يعيد ظهور الباشا حسين الحواتمة الى المشهد.. ما القصة البنك المركزي الأردني يقرر تخفيض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس وصول طواقم المستشفى الميداني الأردني نابلس/4 استقاله علاء البطاينة من مجلس أدارة البنك العربي طقس بارد نسبياً ليلاً وفي الصباح الباكر مع ظهور السحب المنخفضة في عطلة نهاية الأسبوع التعليم العالي: نتائج القبول الموحد نهاية الشهر الحالي الحكومة تطفي ديونا بقيمة 2.425 مليار دينار منذ بداية العام الملخص اليومي لحجم تداول الاسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الخميس ما قصة حركات بيع وشراء اسهم الاردنية لانتاج الادوية بين اعضاء مجلس الادارة ؟! الوزير خالد البكار.. "تقدم" نحو لقب "معالي" هل باع محمد المومني ميثاق من أجل لقب "معالي"؟! البنك الأردني الكويتي وجامعة عمان الأهلية يبحثان سبل تعزيز التعاون بينهما من مدير الضريبة الى شركات السجائر مستشفى الاستقلال يحتفل بيوم التغيير الحادي عشر برعاية مجلس اعتماد المؤسسات الصحية عثروا على رأسها في كيس أسود.. تفاصيل جديدة مثيرة عن جريمة طحن ملكة جمال سويسرا بالخلاط قرار الفيدرالي في اجتماع أيلول خفض الفائدة بعد 8 اجتماعات بالتثييت