ھﻞ ﺗﻔﻜﺮ اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﻘﺎ ﻓﻲ ﺗﻮﺟﯿﻪ ﺿﺮﺑﺔ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ؟ اﻟﺘﻘﺮﻳﺮ اﻟﺬي ﻧﺸﺮﺗﻪ ﺻﺤﯿﻔﺔ "اﻟﺪﺳﺘﻮر" ﻗﺒﻞ ﻳﻮﻣﯿﻦ
أوﺣﻰ ﺑﺬﻟﻚ، ﺧﺎﺻﺔ أﻧﻪ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺗﻮﻗﯿﺖ ﺗﺸهد ﻓﯿﻪ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﺤﺮﻛﺔ ﺗﻮﺗﺮا ﻣﻠﺤﻮﻇﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﯿﺔ اﻟﻤﻮﻗﻒ
ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ.
ھﻨﺎك ﻓﻲ أوﺳﺎط اﻟﺤﻜﻢ ﻣﻦ ﻳﺮى أن اﻟﻔﺮﺻﺔ ﺳﺎﻧﺤﺔ ﻟﻼﻧﻘﻀﺎض ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼﻣﯿﯿﻦ، وﺗﺼﻔﯿﺔ اﻟﺤﺴﺎب ﻣﻌﮫﻢ ﺑﻌﺪ
ﺳﻘﻮط ﺣﻜﻤﮫﻢ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ. ﻟﻜﻦ اﻟﻤﺆﻛﺪ أن أﺻﺤﺎب ھﺬا اﻟﺮأي اﻟﻤﺘﺸﺪد ﻟﯿﺴﺖ ﻟﮫﻢ اﻟﻐﻠﺒﺔ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻘﺮار.
ﻣﻠﻒ اﻹﺳﻼﻣﯿﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻔﺎت اﻟﺤﺴﺎﺳﺔ واﻻﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ ﻓﻲ اﻷردن، وﻛﺎن وﻣﺎ ﻳﺰال ﻣﻠﻔﺎ أﻣﻨﯿﺎ. ﻟﻜﻦ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻔﺼﻞ
ﻓﯿﻪ ﺑﯿﺪ اﻟﻤﻠﻚ دوﻣﺎ.
ﺧﻼل اﻷﻳﺎم اﻟﻘﻠﯿﻠﺔ اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ، اﺳﺘﻀﺎف اﻟﻤﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺂدب رﻣﻀﺎﻧﯿﺔ اﻟﻤﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﯿﻦ اﻷردﻧﯿﯿﻦ، وإﻟﻰ
ﺟﺎﻧﺒﮫﻢ ﻧﺤﻮ ﺧﻤﺴﺔ آﻻف ﻣﻮاﻃﻦ ﻣﻦ ﻣﻤﺜﻠﻲ اﻟﻔﻌﺎﻟﯿﺎت اﻟﺸﻌﺒﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺎت. ﻓﻲ اﻟﺤﻮارات اﻟﺘﻲ دارت ﺑﯿﻦ
ﺟﻼﻟﺘﻪ واﻟﺴﯿﺎﺳﯿﯿﻦ، ﻣﻦ ﻧﻮاب، ووزراء ﺳﺎﺑﻘﯿﻦ، ﻛﺎﻧﺖ أزﻣﺔ ﻣﺼﺮ وﺗﺪاﻋﯿﺎﺗﮫﺎ ﺣﺎﺿﺮة ﺑﻘﻮة. وﻣﻦ اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ أن
ﻳﺘﻄﺮق اﻟﺤﺪﻳﺚ إﻟﻰ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻦ اﻹﺳﻼﻣﯿﯿﻦ ﻓﻲ اﻷردن ﻓﻲ ﺿﻮء ﻣﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ ﻣﺼﺮ. ﺳﯿﺎﺳﯿﻮن ﺗﺤﺪث
إﻟﯿﮫﻢ ﻛﺎﺗﺐ اﻟﻤﻘﺎل أﻛﺪوا أن اﻟﻤﻠﻚ ﻻ ﻳﻔﻜﺮ أﺑﺪا ﻓﻲ ﺗﺒﻨﻲ ﺧﯿﺎر اﻹﻗﺼﺎء ﺗﺠﺎه اﻹﺳﻼﻣﯿﯿﻦ، وﻳﺮى أن اﻟﺤﻮار
واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ وﺟﻤﯿﻊ اﻟﻘﻮى اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﺑﺪون ﺗﻤﯿﯿﺰ ھﻤﺎ ﺧﯿﺎره اﻟﺬي ﻟﻦ ﻳﺤﯿﺪ ﻋﻨﻪ. وﻧﻘﻠﻮا ﻋﻦ
ﺟﻼﻟﺘﻪ ﺗﺄﻛﯿﺪه أن اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻟﻦ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ.
ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻨﺎوﻟﻮا ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻓﻲ ﻟﻘﺎءاﺗﮫﻢ ﻣﻊ اﻟﻤﻠﻚ، دﻋﻤﻮا ﺑﻘﻮة رؤﻳﺘﻪ. وﺗﻨﺒﻐﻲ اﻹﺷﺎرة ھﻨﺎ إﻟﻰ أن
اﻟﻔﺎﻋﻠﯿﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﯿﻦ ﻣﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻻﺗﺠﺎھﺎت، ﺣﺘﻰ أﻛﺜﺮھﻢ ﺧﺼﻮﻣﺔ ﻣﻊ اﻹﺳﻼﻣﯿﯿﻦ، ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺨﯿﺎر إﻗﺼﺎء أي
ﻃﺮف ﻋﻦ اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ؛ ﻓﻘﺪ أﺛﺒﺘﺖ اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ أن ﻧﺠﺎح ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻹﺻﻼح اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ واﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﻤﺘﺪرج
واﻟﺴﻠﻤﻲ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ، ﻣﺸﺮوط ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ، ﺑﺪون اﺳﺘﺤﻮاذ أو
ھﯿﻤﻨﺔ ﻟﻄﺮف ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻵﺧﺮﻳﻦ.
ﻟﺬﻟﻚ، ﻓﺈن أﻏﻠﺒﯿﺔ اﻟﺴﺎﺳﺔ واﻟﻤﺤﻠﻠﯿﻦ ﻻ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺼﺪد اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاءات ﻗﺎﻧﻮﻧﯿﺔ أو ﻗﻀﺎﺋﯿﺔ ﺑﺤﻖ اﻹﺧﻮان
اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ. ﺻﺤﯿﺢ أن ھﻨﺎك أﺳﺌﻠﺔ ﻛﺜﯿﺮة ﺗﺜﺎر ﺣﻮل ﻗﺎﻧﻮﻧﯿﺔ "اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ"، وﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﺗﻀﺎرب ﺑﯿﻦ ﺻﻔﺘﮫﺎ "ﺟﻤﻌﯿﺔ
ﺧﯿﺮﻳﺔ" وﺑﯿﻦ دورھﺎ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ، إﻻ أن اﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻋﻤﻠﯿﺔ ﻣﻌﻘﺪة، وﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺗﺴﻮﻳﺔ ﻓﻲ إﻃﺎر ﺧﻄﺔ
أﺷﻤﻞ ﻹﺻﻼح ﺑﻨﯿﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد.
اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻓﮫﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﺘﺼﻌﯿﺪ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﺑﺤﻘﮫﺎ رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻟﺨﻄﻮات أﺧﺮى. ﻟﻜﻦ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻟﯿﺲ
ﺑﺠﺪﻳﺪ؛ ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﺘﺄزﻣﺔ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات، وﻗﺪ وﺻﻞ اﻷﻣﺮ ﺑﺤﻜﻮﻣﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﮫﺪﻳﺪ ﺑﺤﻞ "اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ"، ﻏﯿﺮ
أﻧﮫﺎ ﻟﻢ ﺗﻘﺪم ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﯿﺬ ﺗﮫﺪﻳﺪھﺎ.
اﻷزﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ؛ ﻓﺎﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻤﺴﺒﺐ ﻟﮫﺎ ﻟﯿﺲ ﻣﺤﻠﯿﺎ ﺑﻞ ﺧﺎرﺟﯿﺎ. وﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﻌﺪ ﺗﻄﻮرا ﺿﺨﻤﺎ، إﻻ أن اﺣﺘﻮاء
آﺛﺎره اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ اﻟﺪوﻟﺔ ﻳﻈﻞ أﻣﺮا ﻣﻤﻜﻨﺎ. وﻳﻘﻊ اﻟﺠﺰء اﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮﻛﺔ
اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ، اﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺗﺰال ﺗﺘﺼﺮف ﺑﺎﻧﻔﻌﺎل ﺷﺪﻳﺪ ﻣﻨﺬ ﻟﯿﻠﺔ ﻋﺰل ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺮﺳﻲ، وﺗﺮھﻦ ﻣﻮﻗﻔﮫﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻓﻲ
اﻟﺪاﺧﻞ ﺑﻤﻮﻗﻔﮫﻢ ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ؛ ﻻ ﺑﻞ إﻧﮫﺎ وﺑﻤﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ﻣﻦ ﻧﺸﺎﻃﺎت وﻓﻌﺎﻟﯿﺎت، ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻤﺼﺮي
ﺣﺪﺛﺎ أردﻧﯿﺎ ﺻﺮﻓﺎ، ﻳﺘﺠﺎوز ﺣﺪود اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ اﻟﺸﻘﯿﻖ إﻟﻰ درﺟﺔ ﺗﺪﻓﻊ ﺑﺘﮫﻤﺔ اﻟﺘﺒﻌﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻼﺣﻖ إﺧﻮان
اﻷردن إﻟﻰ اﻟﺴﻄﺢ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ.
ﺗﺒﻨﻲ ﺳﯿﺎﺳﺔ "اﺟﺘﺜﺎث" اﻹﺧﻮان اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﻦ ﻃﺮف اﻟﺪوﻟﺔ ﺧﯿﺎر ﻛﺎرﺛﻲ، ﺳﯿﺄﺧﺬﻧﺎ إﻟﻰ ﻧﻔﺲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻮﻋﺮة
اﻟﺘﻲ ﺗﻮرﻃﺖ ﻓﯿﮫﺎ دول ﺷﻘﯿﻘﺔ. ﻛﻤﺎ أن إﺻﺮار اﻹﺳﻼﻣﯿﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺼﻌﯿﺪ ﻣﻊ اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﯿﺔ ﻣﻮﻗﻔﮫﺎ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ،
وﺗﻌﻤﯿﻖ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﻘﻄﺎب اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﺑﺨﻄﺎب ﻣﻨﻔﻌﻞ وﻣﻮﺗﻮر، ﺳﯿﺆدي إﻟﻰ اﻟﺼﺪام ﺣﺘﻤﺎ. ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﺤﺎﺷﻲ ھﺬا
اﻟﺴﯿﻨﺎرﻳﻮ ﺑﺄي ﺛﻤﻦ.