ثلاثة من المصريين حاولوا الإنتحار خلال الساعات القلية الماضية اختاروا مجلس الشعب ساحة لإعلان مواقفهم, الأول مواطن مصري بسيط اشعل النار في نفسه, احترق الجسد إلي نسبة تصل إلي 15 %, غير أن سائق تاكسي تمكن من إطفاء النار وإنقاذه وعندما سئل عن مطلبه الرئيسي قيل أنه في حاجة إلي زيادة حصة الخبز الذي يبيعه ويتعايش منه, وبعد قليل صدر بيان حكومي متوقع يقول أن الرجل كان مريض نفسيا!!.
أما الثاني فقد تسلل إلي شارع مجلس الشعب خلسة, غاب الحراس الذين دفعت بهم الحكومة إلي هناك وسكب البنزين علي جسده فأشتعلت النيران, لكن تم إطفاؤها سريعا, وبعد قليل صدر بيان يقول أن المحترق يعمل محاميا , وأنه أقدم علي حرق نفسه احتجاجا منه علي عدم رؤية ابنته ومطالبته بتعديل قانون الرؤية, والحقيقة لست متأكدا من صحة هذا الكلام وإن كان هذا ماتردد وماقيل, فهل يعقل أن يقوم محامي بحرق نفسه حتي الموت لهذا السبب وبهذه الطريقة.
أما الحالة الثالثة والتي جرت بعد ظهر اليوم فقد كانت لمواطن يبلغ من العمر 60 عاما, وفي هذه المرة كانت العيون يقظة وكانت أنابيب الإطفاء جاهزة وقبل أن يشعل الرجل عود الكبريت, تم إحباط المخطط, فلم يجد أمامه إلا أن يهذي ويصرخ: "سبوني عايز أموت.. الموت أحسن من الجوع".
هذه حالات ثلاثة جاءت في مصر بعد وقائع سقوط النظام التونسي علي أثر الإحتجاجات التي أعقبت قيام عاطل من منطقة سيدي بوزيد بإحراق نفسه, غير أنه فات هؤلاء الثلاثة أن حكومتنا جاهزة, وأن لكل منهم سجلا تستخدمه الحكومة لترد به الصاع صاعين, فالأول مريض نفسي, ويبدوا أن كل المصريين أصبحوا مرضي نفسيين ويبدوا أيضا أن البقية هم مجانين بدليل أن محامي أحرق نفسه أمام البرلمان ليعبر عن احتجاجه علي عدم رؤية ابنته ومطالبته بتعديل قانون الرؤية أما الثالث فحتما سيقال أنه فاقد لرشده أو مدفوعا من حركة كفاية أو عميلا للإنتفاضة التونسية أو لصا هارب من العدالة.
إن الحكومة في موقف حرج وهي تفكر في الوقت الراهن في إغلاق شارع مجلس الشعب نهائيا حتي تسطيع أن تضمن نقاء الجو للسادة الوزراء والنواب وأن تحاصر الدخان الناجم عن الحرائق التي تزحف إلي هذا الشارع الذي أصبح في نظر الحكومة سيء السمعة من كثرة الاحتجاجات والحرائق والنوم علي أرصفته.
ولو فعلتها الحكومة فهي ستقول بذلك قد أصدرت أكبر خدمة للشب المصري لأن هناك طوابير عديدة من المرضي النفسانين والمجانين ينتظرون علي قارعة الطريق للتسلل إلي ساحة البرلمان واشعال الحرائق من هناك.
صحيح ان هناك تصريحات قد صدرت وصحيح ان مجلس الشعب سيستمع إلي شكوي المواطن الذي حرق نفسه في باديء الأمر ولكن الحكومة تنسي انها هي من اشعلت الحرائق في هذا البلد وفرضت حصار الجوع والتجويع علي الملايين من المواطنيين فزادت في زمنها معدلات البطالة وانتشر الفساد في البر والبحر فتراجعت أمال الناس وأصبح الموت بالنسبة لهم أقرب من حياة الذل والخنوع والحرمان.