ز- بالتزامن مع المظاهرات الحاشدة التي خرجت في كافة أنحاء تونس احتجاجا على تشكيلة الحكومة الجديدة وما أعقبها من استقالة بعض وزراء الأحزاب المعارضة ، قدم الرئيس المؤقت فؤاد المبزع والوزير الأول محمد الغنوشي مساء الثلاثاء استقالتيهما من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا.
وجاء التطور السابق بعد ساعات من إعلان كل من الاتحاد التونسي للشغل وحركة التجديد وحزب التكتل الديمقراطي انسحابهم من حكومة الوحدة الوطنية التي تم تشكليها الاثنين احتجاجا على مشاركة وزراء من الحزب الحاكم سابقا فيها .
وقالت الأحزاب السياسية المعارضة والاتحاد العام التونسي للشغل إنهم انسحبوا من الحكومة بسبب تشكيلتها التي غلب عليها الحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم إلى جانب حيازته جميع الوزارات السيادية ومنح القوى المعارضة والمستقلة مناصب وزارية هامشية جدا.
وأكد الاتحاد العام التونسي للشغل "المركزية النقابية" الذي قام بدور هام في التظاهرات التي أسقطت نظام بن علي في بيان له عدم اعترافه بحكومة الوحدة الوطنية التي تم تشكيلها الاثنين ، موضحا أنه دعا ممثليه الثلاثة في الحكومة إلى الانسحاب منها .
وترتفع أصوات كثيرة خصوصا بين اليسار والإسلاميين رفضا لوجود أعضاء من حكومة بن علي السابقة في الحكومة الجديدة.
يأتي هذا فيما تواصلت المظاهرات في عدة مدن تونسية احتجاجا على الحكومة الجديدة التي تم إعلانها بعد أن أسقطت انتفاضة شعبية حكم الرئيس زين العابدين بن علي .
وتظاهر آلاف الاشخاص في شارع رئيسي وسط تونس العاصمة وفي صفاقس وبنزرت وسوسة وقابس وبن قردان للاحتجاج على الحكومة الجديدة وللدعوة إلى إبعاد المنتمين إلى نظام بن علي من الحكومة ، واستخدمت الشرطة القنابل المسيلة للدموع لفض المظاهرات التي شارك فيها أنصار المعارضة ونقابيون ، وفي صفاقس ، التي تعتبر ثاني أكبر المدن التونسية ، تم إحراق مقر التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا .
ومن جانبه ، قال كمال مرجان وزير الخارجية التونسي ان حكومة الوحدة الوطنية التونسية الجديدة حكومة انتقالية وستنظر في القضايا الاقتصادية والقضايا الاخرى التي قادت للاحتجاجات وستقوم بالاعداد لانتخابات تعددية.
وأضاف في مؤتمر صحفي في منتجع شرم الشيخ المصري على هامش القمة الاقتصادية العربية أن الحكومة يجب ألا تنسى أن هدفها واضح وأن مدتها محددة قانونا وتحكمها موافقة كل الاحزاب ، وتابع أن الحكومة ستنظر في كل المشاكل التي قادت للاحتجاجات مثل الفساد والقضايا الاقتصادية.
وكان الوزير الأول محمد الغنوشي كشف الاثنين عن تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية والتي شهدت للمرة الأولى دخول أحزاب المعارضة إلا أن حزب الرئيس المخلوع بن علي ظل يحتفظ بالمناصب الحساسة فيها .
ودافع الغنوشي في حديث لراديو "أوروبا رقم 1" عن حكومة الوحدة الوطنية الجديدة وخاصة الوزراء القدامى منهم ، مشيرا إلى كل الوزراء السابقين الذي استمروا في الحكومة الجديدة "هم نظيفو اليد وعلى درجة عالية من الكفاءة".
وقال: "إن تشكيل حكومة تضم كبار الشخصيات من المجتمع المدنى تمثل ايضا ضمانة هامة للدفاع عن كل الحريات".
وأقر الغنوشي بأن المظاهرات التي شهدتها تونس في الايام الماضية كانت دموية حيث قتل خلالها ما لا يقل عن 78 مواطنا إلا أن الجيش لم يطلق النار على أحد.
واستطرد قائلا :" إنه فور توليه المسئولية، كانت اولى تعليماته لقوات الامن بعدم اطلاق الرصاص باى حال من الاحوال على الشعب وإنه فقط يمكن استخدام القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطى" ، مشيرا إلى أنه ستتم محاكمة كل من كان سببا في وقوع أعمال العنف.
واعترف بأن ثورة المجتمع التونسى على حكم بن على تأخرت إلا أن هناك فرصة لتعويض ما فات من خلال التوافق الوطنى الذي يتعين أن يسمح بالإسراع في تطبيق إصلاحات سياسية كبيرة.
وتم إعلان تشكيل الحكومة الجديدة بعد ثلاثة ايام من سقوط نظام بن علي الذي لجأ الى السعودية تحت ضغط انتفاضة شعبية اطلق عليها "ثورة الياسمين" خلفت بحسب السلطات 78 قتيلا.
وستكلف الحكومة الجديدة بإدارة الفترة الانتقالية للتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة التي يفترض بحسب الدستور أن تنظم في غضون شهرين.
وقال الغنوشى :"انه كان يشعر بأن ليلى بن على قرينة الرئيس التونسي السابق هي التي تحكم البلاد في نهاية عهد بن على".
وتابع " عائلة زوجة بن على يتعين أن تحاكم أمام القضاء" ، متعهدا بأن تلقى عائلة الطرابلسى محاكمة عادلة .
واعتبر الغنوشى أن بن علي قدم الكثير لتونس في سنوات حكمه الأولى ولكن في السنوات الأخيرة حدثت تغيرات كبيرة نتيجة الثراء غير المشروع للمحيطين به وبدا أن ليلى بن على هي التي تحكم البلاد.
وأضاف الغنوشي أن تونس تعيش حاليا بعد أيام من رحيل زين العابدين بن على "تحولا تاريخيا" حيث تعبر إلى مرحلة جديدة تفتح آفاقا هامة للشعب والشباب الذي تواجد بكثافة في الشارع خلال الأسابيع الماضية للاعتراض على حزب بن على الذي يحكم البلاد منذ 23 عاما.