الرجل الأكثر وسامة.. العنوان الذي حملته أغلفة مجلاتٍ أجنبيّة عديدة مرفقةً بصورة الممُثّل الأسترالي الشهير، كان ذلك موضوع الّلقاء التلفزيوني الذي كانت تجريه المذيعة بحماسة شديدة، وفيما شعرتُ برغبةٍ في التثاؤب وهممتُ بتغيير القناة، استوقفني سؤالها: « كيف هي حياتك الآن بعد أنْ أصبحت أباً ؟ « فابتسمُ بغبطة غامرة وهو يقول: « إنه أروع ما حدث لنا.. « ولمّا عُرضت صورة طفل ذي ملامح شرق آسيوية على الشاشة،. وجّهتْ له السؤال الذي خطر في بال المشاهد: « أليس غريباً بعض الشيء أن تتبنّى وزوجتك طفلاً لا يشبهكما؟» فقال: «حين توجهنا إلى ملجأ الأيتام، أخبرونا أنّ الطلب على الأطفال ذوي الملامح الأوروبيّة كبير.. ولم يبق سوى مثل هؤلاء الصغارالذين لا يجدون من طالبي التبنّي إقبالاً يُذكر»، هنا، شابت صوته غُصّة وهو يقول: «كانت تلك المعلومة كافية لنا لأن نختار أوّل طفلٍ وقعت عيوننا عليه، ولقد أضاء حياتنا بالكثير من الفرح.. » واستطرد بشغف في وصف مشاعره تجاه ابنه الجديد، لأستمع له وقد اقتنعتُ أنه وسيم فعلاً.. ويستحق الّلقب عن جدارة !
الّلقاء الجميل أعاد إلى ذاكرتي التجربة المريرة لإحدى الصديقات، لمّا رُزقت بابنتين، الكبرى منهما جاءت إلى الدنيا بعينين ملوّنتين، وبشرة بيضاء، وشعرٍ أشقر.. في حين أتت الصغرى بعدها ببشرة حنطيّة، وعينين سوداوين، وشعرٍ كستنائي.. لتقع الصغيرتان ضحيةً للمقارنات المؤلمة التي كانت بعض النسوة يتبرعن لعقدها بينهما، إذ وصل الأمر بالصديقة لأن تكفّ عن اصطحابهما معاً للمناسبات العامّة بسبب التعليقات الجارحة، وللتحيّز الظالم الأحمق للكبرى، حتى لأذكر ما قالته إحدى النساء للصغرى أمامي وهي تحتضن أختها: « فهميني، ليش ما طلعتِ حلوة مثل أختك ؟ « وشكرتُ الله حينها أنّ الأمّ لم تسمع السؤال الغبي.. وإن أحرق قلبي التعبير الذي ارتسم على ملامح الطفلة البريئة..
وبعد، ثمّة حقيقةٌ علميّة تشير إلى الضعف الإنساني العام إزاء جمال الآخرين، أو وسامة ملامحهم، رغم علمنا أنّه ضعفٌ عابر، إذ يعود المرء تلقائياً للبحث عمّا وراء الشكل الباهرإلى المضمون الذي قد يعزّز حالة الانجذاب، أو ينسفها تماماً.. كما أنّ ثمّة حقيقةٌ بائسة تفيدُ بأننا منساقون دون نقاش إلى نموذج الجمال الذي كرّسته وسائل الإعلام المغرضة، التي سعت إلى تفرقة عنصرية من نوع خبيث حتى على مستوى الجمال البشري، وقد نردّد مقولة: « إنّ الله جميلٌ يحبّ الجمال « دون أن نسأل أنفسنا: أيّ جمال ؟ وهل يتّسق هذا القول مع ما العدالة الربّانية بين الخلق ؟
ولعلّ الأمر يصبح موقفاً شرّيراً بامتياز لمّا نُخضِع أطهر وأنقى المخلوقات لهذه الأحكام السفيهة، خاصّة حين يترتّب على ذلك خلق حالةٍ من الخصومة بين الطفل وملامحه.. خصومة قد تتجلّى في علاقته بالحياة ذاتها لاحقاً.. ومن منّا لديه الاستعداد لتحمّل وزر مثل هذه الخطيئة ؟
الّلقاء الجميل أعاد إلى ذاكرتي التجربة المريرة لإحدى الصديقات، لمّا رُزقت بابنتين، الكبرى منهما جاءت إلى الدنيا بعينين ملوّنتين، وبشرة بيضاء، وشعرٍ أشقر.. في حين أتت الصغرى بعدها ببشرة حنطيّة، وعينين سوداوين، وشعرٍ كستنائي.. لتقع الصغيرتان ضحيةً للمقارنات المؤلمة التي كانت بعض النسوة يتبرعن لعقدها بينهما، إذ وصل الأمر بالصديقة لأن تكفّ عن اصطحابهما معاً للمناسبات العامّة بسبب التعليقات الجارحة، وللتحيّز الظالم الأحمق للكبرى، حتى لأذكر ما قالته إحدى النساء للصغرى أمامي وهي تحتضن أختها: « فهميني، ليش ما طلعتِ حلوة مثل أختك ؟ « وشكرتُ الله حينها أنّ الأمّ لم تسمع السؤال الغبي.. وإن أحرق قلبي التعبير الذي ارتسم على ملامح الطفلة البريئة..
وبعد، ثمّة حقيقةٌ علميّة تشير إلى الضعف الإنساني العام إزاء جمال الآخرين، أو وسامة ملامحهم، رغم علمنا أنّه ضعفٌ عابر، إذ يعود المرء تلقائياً للبحث عمّا وراء الشكل الباهرإلى المضمون الذي قد يعزّز حالة الانجذاب، أو ينسفها تماماً.. كما أنّ ثمّة حقيقةٌ بائسة تفيدُ بأننا منساقون دون نقاش إلى نموذج الجمال الذي كرّسته وسائل الإعلام المغرضة، التي سعت إلى تفرقة عنصرية من نوع خبيث حتى على مستوى الجمال البشري، وقد نردّد مقولة: « إنّ الله جميلٌ يحبّ الجمال « دون أن نسأل أنفسنا: أيّ جمال ؟ وهل يتّسق هذا القول مع ما العدالة الربّانية بين الخلق ؟
ولعلّ الأمر يصبح موقفاً شرّيراً بامتياز لمّا نُخضِع أطهر وأنقى المخلوقات لهذه الأحكام السفيهة، خاصّة حين يترتّب على ذلك خلق حالةٍ من الخصومة بين الطفل وملامحه.. خصومة قد تتجلّى في علاقته بالحياة ذاتها لاحقاً.. ومن منّا لديه الاستعداد لتحمّل وزر مثل هذه الخطيئة ؟