اخبار البلد- بسام بدارين
'مباراة من طراز خاص تشهدها ساحات العاصمة الاردنية عمان حاليا عنوانها التنافس بين الرايات الحمراء التي تمثل نشطاء اليسار، والرايات الخضراء التي تمثل الحركة الاسلامية، والاطاران يتنافسان على موقع الريادة في مسيرات جماهيرية بالشوارع تحاول اسقاط الحكومة الحالية وترفع شعار لقمة الخبز.
اليساريون ابتكروا'تعبيرات وآليات ووسائل غير مسبوقة في مسيراتهم المنضبطة عموما لكنهم قلدوا الاسلاميين بأن شكلوا لجان تنظيم مهمتها التصدي للمندسين الذين يحاولون تخريب المسيرة او التأثير على طابعها السلمي وكذلك تنظيم حركة السير في حال تعطيل الشوارع.
لجان التيار الاسلامي ترتدي بالعادة الزي الاخضر وتساعد رجال المرور والشرطة في ضبط المسيرات الحاشدة ولاظهار التباين ارتدت لجان اليساريين الزي الاحمرالمائل للبرتقالي،'لكن نشطاء اليسار حققوا قصب السبق الجمعة الماضية بخطوة قياسية فقد نجحوا بتنظيم اول مسيرة تحت عنوان رغيف الخبز واجندة الحكومة الاقتصادية في عمان العاصمة وكان ذلك بحد ذاته حدثا نادرا تماما.
والعاصمة في الماضي كانت تنظم مسيراتها تحت شعار التنديد باتفاقية وادي عربة وتأييد العراق والتنديد بالاحتلالين الاسرائيلي والامريكي، لكنها لم تخرج عن هذا السياق السياسي ومنذ سنوات طويلة الا الجمعة الماضية واولادها من اليساريين والشيوعيين تحديدا هم الذين تسببوا بذلك. الاسلاميون من جهتهم قاطعوا مسيرات الجمعة الماضية التي نظمها نشطاء اليسار واللجان العمالية وحركة اليسار الاجتماعي لكن هذه الجهات قررت'فيما يبدو مقاطعة الاعتصام الذي دعا اليه الاسلاميون امس الاحد امام البرلمان.
وعند الحفر في التفاصيل يمكن اكتشاف المزيد من المفاجآت التي تؤشر على ان شبان اليسار وهم الانشط على شبكة الانترنت نجحوا في فرض بصماتهم على ايقاع مسيرات الشارع الاردني وان كان عددهم الاقل، فأحدثوا تغييرات في وسائل وتقنيات وهتافات الاحتجاج الشعبي.
'وعلى سبيل المثال لم يخطر ببال الاسلاميين في الماضي'التظاهر لاسباب اقتصادية عبر رفع ارغفة الخبز في المسيرات، لكن اليساريين فعلوا ذلك، وزادوا بأن رفعوا العلم الاحمر وليس الاخضر ونسخوا هتافات مبتكرة على مسطرة التنديد بالحكومة ورئيسها فقط من طراز :'ارحل ارحل يا رفاعي.. وجودك ما الو داعي'.
والهتاف الاخير الخالي من نهكة الاسلاميين اصبح اهزوجة يداعب فيها الحكومة الجميع وحتى الوزراء في مجالسهم الخاصة يرددونها.
واستخدم اليساريون ايضا تقنيات حديثة على صعيد الصوت والصورة والتظاهر الالكتروني واستعاروا في نشاطاتهم عبارات وردت في مسرحيات او اغان او افلام عربية فيما 'تركز هتافات الاسلاميين بالعادة على امريكا باعتبارها رأس الافعى واسرائيل بصفتها الافعى نفسها.
وهذا التنافس نوع في ايقاع المسيرات في الشارع الاردني وانتج بدائل امام المواطن ويمكن القول ان محترفي الهتاف من التيار الاسلامي وجدوا شركاء لهم بنشطاء شبان من اليسار تبين انهم قادرون على الهتاف ايضا.
الانطباع العام ان هذه المباراة بين نشطاء اليسار والتيار الاسلامي تزعج الحكومة ويستفيد منها الناس وتوسع دائرة الرقابة عند السلطات، لكن اليساريين قالوا بالصوت العالي انهم موجودون خصوصا وان شباب التيارات اليسارية تمردوا على قيادات احزابهم التي قاطعت المسيرات.