" النشامى ما منهم سلامة...النشامى طبعوا على آسيا أحلا شامة", ما أجمل هذه العبارات التي صدح بها المعلق الامارتي المشهور فارس عوض وهو يعلق على الهدف الذي سجله بهاء عبد الرحمن لاعب منتخبنا الوطني في مرمى المنتخب السعودي في بطول أمم آسيا, وصريخ فارس عوض وانفعاله وهو يقول" أردن العز", اقشعرت أبدان الجميع وهم يسمعون صراخه فرحا وفخرا بوطنه الثاني الاردني, وحين أخذنا نعيد صوته وتعليقه تقفز من بين المقلتين دموع فخر وسعادة, ما أجمل حين نسمع كلمات الإعجاب المستحق بنا نحن النشامى وكلمات الفخر والاعتزاز, وفي اليوم الثاني آخذنا نقلب الصفحات ونبحث عن كل خبر يتعلق النشامى بعد المباراة, التصريحات والتعليقات والإعادة وكل شيء يرتبط بمهمتهم الوطنية في الدوحة.
ولكن ما لفت انتباهي أكثر شيء وزاد في النفس اعتزاز وفي الخاطر افتخار, تلك الصور التي وصلتنا لرجل الأعمال الاردني سفير النوايا الحسنة قائدة كوكبة فرسان التغير النشمي نصير الحمود وهو يُشرب ( يصب) اللبن الجميد على المناسف التي قدمها لبعثة المنتخب الاردني منتخب النشامى, احتفالا بالفوز, بكل بساطة وبكل قوة وبكل روح النشامى التي تسكنهم جميعا وقف الفارس الاردني يُقلط ( كلمة كركية بمعنى يقدم ) المناسف الاردنية النشامى, وحسب الصور ينتقل من طاولة الى طاولة يُواكل ( يأكل مع) النشامى ومدربهم العراقي عدنان حمد ويُقطع لهم اللحم ويحثهم على المزيد, فالمنسف هو رمز من رموز الاردن لا حرمنا الله منه بكل أشكاله جميدا كركيا وسمنة بلقاوية وعواسة ( طباخة) اربداوية, عامل مشترك فوق نشميتنا يجمعنا كلنا من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب هذا هو المنسف الاردني.
سألني ابني ناصر ذو السبعة أعوام وهو يشاهد الصور معي: بابا من طبخ لهم المناسف؟ فقلت له هذا الرجل واسمه نصير الحمود ( مجازيا طبعا), ثم عاد وسألني : هل يلعب معهم؟؟, فأجبته : نعم هو أهم لاعب فيهم فهو الذي يحافظ على صحتهم ويرفع معنوياتهم ويطبخ لهم المنسف, ثم أخبرته ان نصير الحمود قام بإهداء البعثة الاردنية مبلغ عشرون ألف دينار اردني مساهمة منه في دعم المنتخب الوطني, فتركته ساعة من الزمن وهو يشاهد الصور ويقلبها ويستمع الى صوت المعلق الإماراتي وهو يصرخ نشامى ما منهم سلامة, وحين جلست معه وقلت له هل ما زلت تريد ان تصبح لاعب كرة قدم في المنتخب الاردني مثل حاتم عقل او بهاء او عامر الذيب والشفيع, أجابني بكل قوة وصراحة : نعم ولكنني أريد ان أكون مثل نصير الحمود واجعل منتخبنا ينتصر في كل مرة يلعب بها, فقلت له يا ناصر ولكن نصير لا يلعب في الملعب, فأصر الفتى ابن السبع سنوات انه يريد ان يصبح مثل نصير الحمود لأنه يحب المنتخب ويجب ان يساعده في كل بطولة وجولة يلعب بها, الكلمات تخرج من فمه متقطعة ولكنها قوية واضحة ومفهومة وسهلة التجميع.
نعم هذا ما نبحث عنه في زمننا الصعب هذا في الاردن الكبير, نبحث عن أُناس قدوة نقتدي بهم, وأمثلة نحتذي بها, نبحث عن رموز من داخل حينا وشارعنا وقريتنا قريبون من قلوبنا وأفكارنا, نبحث عن هؤلاء ليس من اجلنا فقط بل من اجل أولادنا ايضا, لا نريد رموزا كرتونية كسايبدر مان وسوبر مان, او رموز وهمية هوليودية تغزو عقولنا وتصدمنا ان أفعالهم لا يمكن تحقيقها أبدا, بل نريد رموزا لأبنائنا بسيطة وقوية تجعلهم يحبون وطنهم أكثر, ويتمسكون بوطنهم أكثر, نريد رموزا لنا تجعل أبنائنا محصنين من فيروسات الأعداء في الخارج ومن عمليات غسيل الدماغ التي جعلت من الطفل البريء إرهابيا يقتل نفسه قبل غيره, نريد لأبنائنا ان يحبوا الاردن فوق كل شيء وان يعلموا أنهم أينما ذهبوا وأينما حلوا فلا يمكن ان يكونوا بشرا عاقلين إلا اذا كان الاردن في قلوبهم والعَلم في عقولهم وحُب الهاشميون يسري في دمائهم ولائا وانتماءا حقيقيا لا مصلحيا ظاهريا.
نعم نريد رموزا يعجب بهم أطفالنا منذ صغرهم ويحبوهم ويتشبهون بهم تماما مثل نصير الحمود, وأنا على يقين ان غيره من وطني كثر وكثير ولديهم المقدرة والإمكانيات ايضا كالنصير الحمود, ولكنني أتمنى عليهم وارجوهم ان يتقدموا ويظهروا ويساهموا حتى يراهم أولادنا فيتخذوهم رموزا يقتدون بهم وبأفعالهم, نعم نصير الحمود نشمي بألف نشمي, فيا ليت ان يظهر ألف نشمي مثل نصير الحمود و يعلنوا عن أنفسهم من خلال أعمالهم وأفعالهم الطيبة الرائعة, ابني ناصر أصر ان تطبخ والدته له ثاني يوم منسف, واخذ بتقليد صور نصير الحمود واخذ يشرب علينا ويحثنا على لعب مباراة سوريا بكل عزم ويطلب منا النصر والفوز ولسان حاله يقول :
كلوا يا نشامى منسف العز والكرامه ترى بعد اليوم ما عليكم ملامه
كلوا يا نشامى منسف العز والكرامه والي يلعب ضدكم ما له سلامه.
حازم عواد المجالي
Hazmaj1@gmail.com