تقريبا كانت مظاهرة الحسيني معقولة في عددها وهمتها، وقد رافقتها في أغلب المحافظات فعاليات مماثلة ذكرتنا بانطلاقة الحراك الاولى.
في إربد كانت التظاهرة مختلفة، فإلى جانب زخمها الجيد رافقتها طقوس كدنا ننساها على شاكلة ظهور البلطجية وقيام الدرك بقمع المتظاهرين تحت حجة الفصل بين تظاهرتين.
الحراك لم يمت، هذا ما لمسناه يوم الحمعة الماضية، ومن راهن على ذلك كان مخطئا، بل باعتقادي أن الحراك بات أداة قابلة للتكيف ولإعادة إنتاج نفسه بأسرع مما يظن الكثيرون.
التراجع الواضح للحراك في الشهرين الماضيين لم يكن على ما يبدو بنيويا بقدر كونه انتظاريا متربصا يراقب ويتحرك وفق منطق الاستمرارية والنفس المتقطع.
صحيح أننا لمسنا في الاونة الاخيرة انحسارا في موجة الحماس العام المطالب بالتغيير إلا أنه في المقابل بدأ الناس يعودون الى تخوم التذمر من الاوضاع، وهذا بحد ذاته مسوغ لعودة الحراك من باب مبرراته.
قواعد الحراك ما زالت سليمة، فمجموعات الاردنيين الذين بذلوا الليالي والايام وتركوا أسرهم وبيوتهم من أجل التغيير ما زالوا في الميدان أو قل رهن إشارة الشارع.
الحراك الآن في الشارع، تتجاهله أدوات الحكومة الاعلامية أو تختصره بعناوين مبسترة، وهذا لا يعني أنه لن يفصح عن نفسه بقوة أكبر في الايام القادمة.
الواضح أن الروافع الموضوعية للحراك تلوح في الافق، فالدولة تفشل في الخروج من مستنقعها التقليدي، ولعل في اسم رئيس الوزراء القادم ما يكفي لشحن محركات الحراك.
ناهيك عن استحقاقات قادمة اقتصادية سيكون لها الاثر في تزييت حناجر الحراكيين كي يعلنوا انهم ما زالوا على الموعد وان الكذب ما زال رسميا بامتياز.
البلد لم تفقد حراكها الى هذه اللحظة، وما سيكون من دور اردني متوقع في ملفات الاقليم سنراه منعكسا على قوة الحراك واتجاهاته واهدافه وزخمه ايضا.
اما السؤال عن الحركة الاسلامية فهي لم يتبق لها الا ان تقف مع الحراك وتسانده الى ابعد مدى ممكن، وهي مطالبة بأن تعيد الجدل الى الشارع لا سيما بعد ان انكشفت صيغة الاصلاح الرسمية وتعرت ممكناتها.
هذا الإحماء الذي شاهدناه للحراك لن يكون الا مقدمة تشي بقرب تموضع «فلسفة الشارع مقابل الاصلاح الناقص» ومن .هنا سيعود ربيع الاردن للظهور