بأحد المعاني يمكن اعتبار كل دول العالم صديقة للأردن فهو لا يعادي أحدأً ، ولا يدخل في معارك وصراعات ومحاور ، ويعرف حجمه وموقعه الجغرافي وإمكانياته المادية ، ويفضـّل أن تكون علاقاته إيجابية مع جميع دول العالم دون استثناء.
ولكن بمعنى آخر يمكن القول بأن من يعتبرالجميع أصدقاءه ليس له في الواقع صديق ، فهناك فرق بين صديق تجده في وقت الضيق ، وبين العلاقات الطبيعية أو عدم وجود عداوات مع بعض الأطراف.
الأردن له صورة إيجابية مقبولة في جميع دول العالم ، ولكن كم من هؤلاء سوف يهب لنجدة الأردن عند الضرورة.
يحتاج الأردن لعلاقات حسنة مع جميع دول العالم ، ولكن هـذا لا يكفي ، فهو بحاجة أيضاً إلى دولة أو دول صديقة يمكن الاعتماد عليها.
سوريا كانت الصديق المعتمد في عهد حكومة زيد الرفاعي ، والعراق كان الصديق الاستراتيجي في عهد حكومة مضر بدران ، ومصر كانت الصديق الكبير في آواخر عهد جمال عبد الناصر.
ماذا عن أميركا ، هل يعتمد عليها في وقت الضيق؟ وماذا عن الاتحاد الأوروبي ، هل يعتبر الأردن صديقاً معتمدأً فيما يسميه المشرق؟.
لفترة ليست قصيرة شعرنا بالعزلة ، ليس لأن هناك أعداء ، بل لعدم وجود أصدقاء وحلفاء.
ما حدث خلال الأسابيع والشهور الأخيرة هو مد الجسور باتجاه دولتين عربيتين وازنتين ، ُوضعت العلاقة معهما على السكة الصحيحة ، وهما مصر والعراق.
في الحالتين جاء رئيس وزراء البلد العربي الكبير إلى عمان ، وأسهم في إزالة أية التباسات كانت تعكر العلاقات والانتقال إلى جوانب إيجابية من التعاون الاقتصادي والسياسي والمعاملة التفضيلية كما أن زيارات جلالة الملك لدول الخليج تعني الكثير.
يجب البناء على هذه الخطوات الإيجابية ، الأردن بحاجة لمصر والعراق ودول الخليج ، ولديه ما يقدمه لكل بلد عربي ، ويستطيع أن ينتقل من حالة العلاقات الطبيعية إلى حالة الصداقة الحقيقية والاعتماد المتبادل.
الأردن هو العمق الاستراتيجي للعراق ، والعمق الامني للسعودية وجميع دول الخليج العربي ، وتمثل مصر الثقل العربي الذي لا يستطيع أحد أن يتجاهله.
تتميز علاقات الأردن الاستراتيجية مع الأشقاء العرب بأنها علاقة مع دول وليس مع أنظمة ، وأبرز مثال على ذلك .علاقة الأردن الوثيقة مع العراق في جميع عهوده الملكية والثورية والبعثية والحالية
بقلم: د. فهد الفانك