في خطوة اعتبراها حزبيون جيدة، لكنها تحتاج الى ارادة حقيقة في التطبيق،
أطلقت وزارة التنمية السياسية الخميس حوارات متخصصة لإعداد الاستراتيجية
الوطنية للتنمية السياسية للأعوام (2013-2017)، بمشاركة مختلف الجهات
الرسمية والتيارات السياسية والفكرية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني
والقطاعات الشبابية والنسائية والإعلامية.
ولوحظ غياب نقابي، فيما حضرت شخصيات حزبية من الصف الثاني.
وعبرت شخصيات حزبية التقاتها "السبيل عن تخوفها من ان كون هذه الحوارات
مجرد تكرار لحوارات سابقة، لم تخرج بنتيجة عملية. مؤكدين ان ذلك سيؤدي الى
أن نبقى نراوح في نفس المكان.
وأعادت التذكير بعشرات اللقاءات والحوارات السابقة التي تمت دون ان تصل الى نتيجة تذكر.
وأشار حزبيون الى عدم جدية الحكومة في حواراتها، مبينين ان اعادة تعيين بعض
الشخصيات في مكان صنع القرار رغم تاريخها الرافض للحوار، يفتح المجال
للعديد من الشكوك حول جدوى هذه الحوارات.
وقال وزير التنمية السياسية ووزير الشؤون البرلمانية بسام حدادين في الكلمة
التي افتتح بها باكورة هذه الحوارات إن التنمية السياسية عبارة عن عمل
جماعي ومؤسسي تنخرط فيه كافة مكوّنات الدولة والمجتمع؛ فيما ستُشكّل
الوزارة مجرّد حاضنة ورافعة لهذه الاستراتيجية؛ ومُنظّمة للأنشطة المُرتبطة
بها.
وقال: لقد ظهر بجلاء لنا كأردنيين خلال السنوات الأخيرة أن إغفال جوانب
التطوّر السياسي قادت إلى خلق حالة غير صحية من الشد والجذب أدت إلى حدوث
اهتزازات مقلقة بالثقة العامة في الدولة؛ وجمود في الحياة السياسية؛ مما
استدعى قرع جرس الطوارئ وإعلان نفير الإصلاح السياسي الذي خضع بدوره إلى
تجاذبات حادة.
وقال حدادين إن مضامين الخطابات والمقابلات والأوراق النقاشية لجلالة الملك
شكّلت حافزاً لنا لبناء استراتيجية وطنية ترتكز على المفاهيم العصرية وروح
الحداثة التي اتسمت بها هذه الوثائق الملكية؛ مما شكلّ لنا قوّة دفع كبيرة
لبناء هذا المشروع السياسي الوطني الكبير.
وأضاف خلال الحوار الذي يموله برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) أن
الإستراتيجية معنية بتقديم تصور استباقي لشكل التطوّر السياسي المنشود في
الأردن؛ ووضع النواة الأساسية لمشروع تطوير الحياة السياسية؛ وتمكين الشباب
سياسياً وديمقراطياً.
واعتبر الوزير أن أحد الدوافع الرئيسة لفكرة الاستراتيجية هو إيماننا أن
الحياة تسير إلى الأمام؛ وأن تطور الفكر البشري والتطورات التي تجتاح
المجتمعات تستدعي دوماً عقلية مرنة قابلة لاستيعاب التغيّرات والتطوّرات
وتبني الخلافات؛ وضرورة السير دوماً إلى الأمام نحو مفاهيم التطور والتقدم.
وأشار إلى أن الدولة الأردنية نجحت في إجراء انتخابات نيابية مُبكرة في
سياق إصلاحي؛ وأصبح لدينا مجلس نوابٍ واعدٍ؛ يمكنه أن يدفع بعجلة الإصلاح
إلى الأمام؛ خاصة وأن الإصلاح السياسي هو عملية تدريجية وتراكمية متجددة لا
تتحقق بضربة واحدة. ولفت حدادين إلى أن الأوراق النقاشية الملكية خلال
موسم الانتخابات النيابية شكّلت مرجعية غنية تساعدنا على التأشير نحو
الأهداف الديمقراطية التقدمية المُعاصرة التي نسترشد بها؛ هذا إلى جانب
الخطاب السياسي المُستنير لتكريس قيم المواطنة والعدالة والمُساواة وتكافؤ
الفرص؛ مما يُعزز تطوير النظام السياسي والعلاقات البينية المجتمعية.
وشدد حدادين بأن الإستراتيجية لا تعتبر حالة من الترف السياسي؛ لأنه تنبع
من جهد وطني تشاركي كبيرٍ وطموحٍ؛ ينبع من واجبنا تجاه التطوّر السياسي
والاجتماعي لبلدنا ولنظامنا السياسي؛ وهي ليست مرتبطة بحكومة أو بوزير؛
وإنما بالمصلحلة العليا للدولة.
وأوضح أنها (الإستراتيجية) تعتبر مدخلاً للإصلاحيين والمستقبلين للعمل
المنظم والجاد؛ ليقدموا ما عندهم من أفكار موجبة لدفع عجلة التقدم إلى
الأمام.
ونوه في كلمته إلى أن وزارة التنمية السياسية ستكون مستمعة ومدوّنة
لملاحظات وأفكار واقتراحات المُشاركين في هذه الحوارات لتكون بين يدي
اللجنة التوجيهية العليا التي ستضم ممثلين عن كافة التيارات السياسية
والحزبية والفكرية والثقافية والأكاديمية.
وستكون مهمّة اللجنة تنسيق هذه الجهود وتنظيمها؛ حتى نخلص في غضون حوالي
ستة أشهر لإنجاز الإستراتيجية بكامل تفاصيلها؛ وليُصار إلى إطلاقها برعاية
ملكية سامية إن شاء الله.
وقد جرى عرض لمحاور ومرتكزات الإستراتيجية الوطنية للتنمية السياسية قدمها
مستشار الوزير علي الخوالده؛ وأعقبها نقاش مستفيض شارك فيه الحضور؛ الذين
أكدوا أهمية هذه الوثيقة؛ وثمّنوا مبادرة وزارة التنمية السياسية وانفتاحها
على المجتمع والقوى السياسية.
بحسب الاستراتيجية التي طرحتها الوزارة للحوار فإنها ستتبنى وثيقة وطنية
مكتوبة يشارك في صياغتها وتنفيذها الأطراف الحكومية وغير الحكومية، تشمل
مجموعة من الأهداف والمهام والبرامج والخطط والإجراءات المبنية على حاجات
المجتمع الأردني وتهدف الى تحقيق تطلعاته نحو الإصلاح السياسي والمشاركة
الشعبية ضمن الاولويات الوطنية.
وتشمل ما يلي: مفهوم التنمية السياسية، واقع التنمية السياسية والمشكلات
التي تواجه تحقيقها في الأردن، وآليات تعزيز التنمية السياسية في المجتمع
الاردني.
كما تتضمن دور الجهات المختلفة الحكومية والأهلية في عمليه التنمية
السياسية، وبرامج وخطط تنفذها كل جهة لها دور، ومؤشرات لقياس التنمية
السياسية، اضافة الى أدوات للمتابعة والتقويم.
كما تتضمن وضع السياسات والخطط والبرامج الخاصة بالتنمية السياسية وتحويلها
إلى إجراءات قابلة للتنفيذ، وايجاد مؤشرات لقياس تقدم أو تراجع التنمية
السياسية والعملية الديمقراطية بشكل عام، وإيجاد شراكة بين المؤسسات
الحكومية والأهلية والأحزاب السياسية ودعم العمل التعاوني المشترك.
وتشير نتائج الدراسات والأبحاث المتعقلة بمشاركة الشباب الأردني وتمكين
المرأة سياسيا إلى عزوف أحيانا في المشاركة أو عدم فعالية المشاركة
السياسية.
وتؤكد الاستراتيجية أن التنمية السياسية عملية تشارك فيها جميع الأطراف
الرسمية وغير الرسمية، وتتقاطع مع كثير من أهداف المؤسسات المختلفة مما
يتطلب إستراتيجية تعاونية تشارك في تنفيذها كل الأطراف.
