أخبار البلد
يبدو المنتخبان الغاني والنيجيري مرشحين بقوة لبلوغ المباراة النهائية للنسخة التاسعة والعشرين من نهائيات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم التي تستضيفها جنوب أفريقيا حتى الأحد المقبل، عندما يلتقيان اليوم الأربعاء مع بوركينا فاسو في نيلسبروت ومالي في دوربان في الدور نصف النهائي.وقدّم المنتخبان مشوارا جيدا نسبيا في البطولة حتى الآن، وإن عانيا كثيرا في الدور الأول قبل أن يضربا بقوة في ربع النهائي ويحجزان بطاقتهما إلى دور الأربعة في الطريق إلى النهائي "الحلم" بين الجارين الوحيدين من بين ممثلي أضلاع المربع الذهبي سبق لهما التتويج بالكأس الغالية: غانا 4 مرات أعوام 1963، 1965، 1978 و1982، ونيجيريا مرتين عامي 1980 و1994.
وتعثّرت غانا الساعية إلى اللقب الخامس في تاريخها، في مباراتها الأولى أمام الكونغو الديمقراطية عندما فشلت في الحفاظ على تقدمها بهدفين نظيفين لتسقط في فخ التعادل 2-2، ثم حققت فوزا صعبا على مالي بهدف وحيد، قبل أن تسحق النيجر بثلاثية نظيفة في الجولة الثالثة الأخيرة لتتصدّر المجموعة الثانية ومن ثم بلوغ ربع النهائي، حيث أوقفت مغامرة الرأس الأخضر بهدفين نظيفين.
من جهتها، فرّطت نيجيريا في فوز ثمين على بوركينا فاسو في الجولة الأولى عندما تقدّمت بهدف وحيد حتى الدقيقة الأخيرة (1-1)، ثم كررت الأمر ذاته أمام زامبيا حاملة اللقب في الجولة الثانية عندما تقدّمت بهدف وحيد حتى الدقيقة 85، قبل أن تحقق الأهم في المباراة الثالثة الأخيرة أمام أثيوبيا عندما فازت بثنائية نظيفة وخطفت بطاقتها إلى ربع النهائي مستفيدة من تعثُّر زامبيا أمام بوركينا فاسو سلبا.
بيد أنّ منتخب النسور الممتازة ضرب بقوة في ربع النهائي وأزاح ساحل العاج المرشحة للقب والمدججة صفوفها بالنجوم عندما تغلّبت عليها 2-1.
ويبدو أنّ المنتخبين تعلّما الدرس جيدا من مشاركاتهما السابقة في العرس القاري عندما كانا يقدمان أفضل العروض ويودّعان خاليي الوفاض؛ غانا وعقدة النسخ الثلاث الأخيرة، حيث خرجت من دور الأربعة عامي 2008 و2012 أمام الكاميرون وزامبيا على التوالي، وخسرت المباراة النهائية عام 2010 أمام مصر.
أمّا نيجيريا فخرجت من نصف النهائي أعوام 2002، 2004 و2006 على يد السنغال وتونس وساحل العاج على التوالي ومن ربع النهائي عام 2008 على يد غانا بالتحديد، ثم على يد المنتخب ذاته في دور الأربعة عام 2010 قبل أن تغيب عن النسخة الأخيرة في الغابون وغينيا الاستوائية.
غانا * بوركينا فاسو
تدخل غانا مواجهتها أمام بوركينا فاسو بمعنويات عالية بعد فوزها الثمين على الرأس الأخضر بثنائية نظيفة.
ويصبّ التاريخ في مصلحة غانا الباحثة عن لقب أول منذ أكثر من 30 عاما، كونها حسمت اللقاءات الخمسة حتى الآن أمام بوركينا فاسو في مصلحتها، بينها مرة في الدور الأول للنهائيات القارية عام 1978 بثلاثية نظيفة في اكرا عندما توج منتخب "النجوم السوداء" باللقب الثالث في تاريخهم. وفازت غانا مرتين في تصفيات كأس العالم 2006 (1-صفر في واغادوغو، و2-1 في كوماسي) ومرتين وديا 5-2 عام 1967 في اكرا و1-صفر عام 1982 في كوتونو.
وتعول غانا على نجميها مهاجم العين الإماراتي جيان اسامواه ولاعب وسط يوفنتوس الإيطالي كوادوو اسامواه لمواصلة الطريق نحو النهائي.
وأوضح مدرب غانا كويسي ابيا أنّ منتخب بلاده سيواصل اللعب بواقعية وقتالية من أجل الفوز وليس لإمتاع الجماهير، وقال: "نحن مصرّون على مبادئنا في مواجهة المنافسين، برودة الأعصاب وأقصى التواضع والاحترام واللعب بقتالية من أجل تحقيق الفوز وبلوغ هدفنا، ألا وهو التتويج باللقب".
وتابع: "إذا كنت ترغب في نيل اللقب، فإنّ الفوز هو الطريق الصحيح. نحن هنا من أجل تحقيق ذلك، علّمتنا التجارب السابقة أنّ النتيجة هي الحكم وليست العروض الجيدة. هدفنا هو التتويج باللقب وذلك يمرّ بالفوز".
وشاطر جيان مدربه الرأي وقال: "في عام 2008 سجّلنا العديد من الأهداف ولم ننجح في بلوغ المباراة النهائية، وفي عام 2010 بلغنا المباراة النهائية وخسرنا. الآن نظهر بوجه مختلف"، مضيفا: "بوركينا فاسو منتخب قوي وصعب المراس وسيكون مخطئا من يعتبره غير مرشح للفوز، علينا الحذر لأنه لا مجال للخطأ ولا للتعويض".
وتدرك غانا جيدا أنّ المهمّة لن تكون سهلة اليوم، خصوصا أنّها ستلعب على أرضية ملعب نيلسبروت التي اشتكت منها منتخبات كثيرة وعانت الأمرّين لتقديم أفضل العروض عليها، وهي النقطة الإيجابية التي قد تصبّ في مصلحة البوركينابييين الذين خاضوا عليها المباريات الأربع لهم حتى الآن في البطولة.
كما أنّ منتخب بوركينا فاسو أبان عن مؤهلات فنية عالية وقدّم عروضا رائعة بقيادة جوناثان بيترويبا مسجل هدف الفوز في مرمى توغو (1-صفر بعد التمديد) في الدور ربع النهائي.
وقال بيترويبا: "ستكون الضغوطات كبيرة على غانا لأنها المرشحة للظفر باللقب وإذا خسرنا أمامها فسيكون ذلك أمرا عاديا، وإذا فزنا فإنّ الغانيين يعرفون أنّ ذلك سيكون بمثابة قنبلة وهذا ما نسعى إليه".
وأردف قائلا: "استحقّينا الفوز والتأهل، لم يقدم لنا أحد هدايا، صحيح أنّنا لسنا في القمة ونعاني من بعض المشاكل، لكننا لسنا البرازيل أو برشلونة".
نيجيريا * مالي
لا تختلف حال نيجيريا عن غانا لدى مواجهتها مالي، لأنها المرشحة إلى بلوغ المباراة النهائية، بيد أنّها تواجه عقبة صعبة بقيادة نجم برشلونة السابق سيدو كيتا.
وتدين مالي بإنجازها إلى كيتا الذي قادها إلى نصف النهائي للمرة الثانية على التوالي بعدما كانت خرجت على يد ساحل العاج العام الماضي.
وتحنّ مالي إلى إنجازها عام 1972 عندما كانت قاب قوسين أو أدنى من التتويج باللقب القاري الأول في تاريخها لكنها خسرت أمام الكونغو 2-3 في المباراة النهائية في الكاميرون.
ولم تذق مالي حلاوة اللقب قط لكنها تلعب دائما دورا هاما في النهائيات وتبلغ أدوارا متقدمة، وهي بلغت دور الأربعة 5 مرات من أصل 7 مشاركات فحلّت وصيفة عام 1972 وثالثة العام الماضي، ورابعة عامي 2002 و2004، وهي فشلت مرتين فقط في تخطي الدور الأول وذلك عامي 2008 و2010.
وحجزت مالي بطاقتها إلى ربع النهائي بصعوبة وبركلات الترجيح على حساب جنوب أفريقيا المضيفة بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل الإيجابي 1-1 سجّله كيتا بالتحديد.
وعلى غرار نسخة العام الماضي عندما تخطّت مالي الغابون المضيفة بركلات الترجيح في ربع النهائي، قلبت مالي المسلحة بلاعبي الخبرة كيتا وموديبو مايغا وسومايلا دياكيتيه ومحمد سيسوكو، الطاولة على جنوب أفريقيا صاحبة الضيافة وحرمتها من مواصلة مشوارها لتكرار إنجاز عام 1996 عندما استضافت النهائيات وتوجت باللقب.
وقال كيتا: "لدينا منتخب شاب أحاول أن أساعده بخبرتي، سنحاول مواصلة قلب التوقعات الأربعاء، لم نكن مرشحين لكننا نحن من بلغ دور الأربعة".
وتابع: "كل شيء ممكن في كرة القدم، مالي ليست بين المنتخبات المرشحة لكن بإمكاننا خلق المفاجأة والفوز بالكأس. كل ما نحتاجه هو العمل الجدي والشاق والالتزام".
وأوضح كيتا أنّ المهمّة لن تكون سهلة أمام منتخب نيجيريا الذي "اعتبره المرشح الأول للفوز باللقب".
في المقابل، لم يجرؤ أحد أن يراهن على المنتخب النيجيري الذي حطّ الرحال في جنوب أفريقيا وهو خال من الأسماء الرنانة باستثناء لاعب وسط تشلسي الإنكليزي جوزيف اوبي ميكل وزميله في النادي اللندني فيكتور موزيس والقائد المسن جوزيف يوبو، البالغ 32 عاما.
لكن خلطة المدرب ستيفن كيشي الذي عيّن مدربا في تشرين الثاني 2011، بين بعض الكبار (يوبو وميكل وموزيس وبراون ايديي وفنسنت انيياما وايكيتشوكوو اوتشي) وبعض المحترفين للتو، أعطت أكلها وأظهرت فاعلية كبيرة.
وتعول نيجيريا على الجيل الصاعد بقيادة ايمانويل ايمينيكي، البالغ 25 عاما، مهاجم سبارتاك موسكو الروسي وهداف البطولة حتى الآن برصيد 3 أهداف، مشاركة مع البوركينابي الان تراوريه والغاني مبارك واكاسو، وموزس، البالغ 22 عاما، وصنداي مبا، البالغ 24 عاما، صاحب الهدف الذي أقصى ساحل العاج من ربع النهائي (2-1) ومنح بلاده بطاقة التأهل إلى نصف النهائي ومواجهة مالي الأربعاء في دوربان.
وصمم هؤلاء اللاعبون السير على خطى أسلافهم (جاي جاي اوكوتشا ودانيال اموكاتشي ونوانكوو كانو وايمانويل امونيكي ورشيدي يكينيي وصنداي اوليسيه)، وإسكات الأصوات المنتقدة بعد الدور الأول الذي لم يظهروا فيه بالشكل اللائق، حيث حلّوا في المركز الثاني خلف بوركينا فاسو.
وقال كيشي الذي بدأ مسيرته التدريبية مع توغو ومالي دون أن يصيب النجاح: "لا أحد كان يحسب لنا حسابا ولم يعطنا أيّ فرصة، لكننا أظهرنا شخصيتنا الحقيقية. عندما تسلّمت مهمّة الإشراف على المنتخب، كنت أعرف أنّه يتوجّب علينا أن نقاتل وقد ظهر التطور من مباراة إلى أخرى وبانت الشخصية والانضباط".
وتلذذ كيشي بكسب المواجهة مع الشك المخيم في بلاده بعد استبعاد بعض أعمدة المنتخب مثل بيتر اوديموينجي واوبافيمي مارتينز لمصلحة لاعبين في الدوري المحلي، وقال: "كل اللاعبين أبطال، إنّهم نجوم هوليووديون، ولكن من الأفضل أن نرى لاعبين محليين يكشفون عن أنفسهم. للأسف أنّ بلدنا لم تكن رؤوفة تجاههم".
وإلى التنظيم الذي زرعه كيشي داخل المجموعة، تضاف القوة البدنية التي يتّسم بها منتخبه وهي ماركة مسجلة باسم "النسور الكاسرة"، أمّا فيما يتعلق بالفنيات فيكفي أن يقوم اوبي ميكل بدور صانع الألعاب وهو المعروف بمراوغاته وحركاته المميزة الموروثة عن سلفه جاي جاي اوكوتشا.
وقد وضعت الصدفة كيشي في مواجهة مالي التي يعرفها جيدا كونه أشرف على منتخبها في أمم أفريقيا 2010، وهو لم ينس إقالته بعد الخروج من الدور الأول ويعرف لا شك الطريقة التي سيثأر فيها لنفسه وينهي مشوار "نسور مالي".