أعتقد أنّ هذا الطرح الايجابي الذي ورد على لسان الأمين العام أكثر من مرّة، يفترض أن يكون ثمرة تفكير جماعي معمّق، ووليد حوار قيادي مسؤول، وليس رأيا فرديا أو شخصيا يخص الأمين العام وحده؛ لأنّ الطرح عندما يكون صادراً من موقع الأمين العام وهو الذي يتولّى مسؤولية الناطق الرسمي باسم الحزب، ويتولّى مسؤولية التعبير عن رأي الحزب السياسي؛ ينبغي أن يكون معبراً عن رأي المؤسسة.
مصطلح حكومة إنقاذ وطني أو وفاق وطني، أو حكومة وطنية يعني من الناحية السياسية؛ أن تتولّى الأحزاب السياسية العاملة على الساحة الوطنية تشكيل حكومة مشتركة، بمعنى أن تتولّى الموالاة والمعارضة تشكيل حكومة موحدة وليس حكومة حزبية، وعادةً ما يتمّ هذا الاقتراح في ظلّ أجواء صعبة وظروف حرجة تمرّ بها الدولة وتشكل خطورة على مستقبلها سواء كانت هذه الأخطار على صعيد محلي داخلي أو على صعيد خارجي، من اجل استيعاب الظروف الحرجة وامتلاك القدرة على تخطي عنق الزجاجة.
إذا تمّ أخذ تصريح الأمين العام على محمل الجدّ، من قبل المراقبين السياسيين، فهذا يعني أنّ الحزب مستعد للمشاركة في إدارة المرحلة والمشاركة في تحمّل المسؤولية، وإذا علمنا أنّ الحزب يمثل العقل السياسي للحركة الإسلامية، فهذا يؤشر على عزمها خوض هذا المضمار.
إنّ من يطرح هذا الحلّ التشاركي في تحمّل مسؤولية إدارة المرحلة يعني بكلّ تأكيد العزم على تنفيذ هذا الاقتراح أوالمشاركة الفاعلة في تنفيذه؛ لأنّه ليس معقولاً أن يتمّ طرح هذا الخيار الوطني، ثمّ يتبعه الاستنكاف عن المشاركة! فهذا تناقض واضح وجلي، ينبغي أن لا يقع فيه الأمين العام ولا الحركة الإسلامية.
لكن من دون شك ينبغي أن تكون المشاركة مشروطة بالتوافق على برنامج الإصلاح وخطواته، وجدولة هذه الخطوات بطريقة واضحة وصريحة، وكذلك التوافق على اختيار رئيس الفريق الحكومي وأعضاء هذا الفريق كذلك، فهذا حق، لكن نحن بحاجة إلى سماع رأي صريح واضح حول هذا الموضوع لا يقبل الشك والمماراة، وأعتقد أنّ ذلك من صميم العمل السياسي وجوهره، ويتوافق مع منهج الحركة السياسي والإصلاحي بكلّ تأكيد .