تنتهي قصة المقاومة والممانعة، بفراغ مخيم اليرموك، وبقصفه بعد ان غادره الفلسطينيون إلى لبنان، يصبح قاعاً صفصفاً، وإذا كان الجيش الحر دخله.. فلأن جماعة أحمد جبريل جعلت منه منصة لقتل أكبر عدد من السوريين من سكان المخيم. فتوسع دمشق جعل من المخيم مكان اقامة مريحا للسوريين إلى جانب أشقائهم الفلسطينيين. وللذين لا يعرفون نقول إن هناك أكثر من مخيم فلسطيني في حمص وفي اللاذقية، وفي الجزيرة... ولكن أيّا من هذه لا وجود لأحمد جبريل فيها، وقد عانى مخيم اللاذقية من قصف جوي وبحري لمدة قصيرة، لأن سكانه من السوريين تظاهروا ضد السلطة!!.
الفلسطينيون في العراق لم يعد لهم وجود، فلم يكن لهم مخيمات، وسكنوا بغداد برعاية حكومية لا تختلف عن رعاية العراقيين... وخاصة في شارع حيفا، حيث الأبراج السكنية الحديثة وأكثر سكانها من الفلسطينيين. تمَّ طرد الفلسطينيين بعد التحرير، وتم اغتصاب دورهم ومحالهم التجارية، ونقلوا إلى الحدود, فلم تسمح لهم السلطات الأردنية بالدخول ذلك أن البلد كان منهكاً باستيعاب مئات الآلاف من الأردنيين المطرودين من الخليج، وقامت دول احتلال العراق وهي المسؤولة بترتيب أوطان جديدة للفلسطينيين في استراليا وأميركا الجنوبية وغيرهما، وكانت لإسرائيل حصتها من احتلال العراق وها هي تحصد حصتها من الكارثة السورية.
فلبنان لا يستطيع استيعاب المزيد من الفلسطينيين، لان نظامه الطائفي يختل بوجودهم، ولعل حزب الله وأمل هما أكثر الناس كرهاً لوجود الفلسطينيين (السنّة) في بلد تهيء أمل وحزب الله لحكمه باعتبار أن الشيعة هم الأكثرية، وهم القوة القادرة على اخضاع الدولة: بالديمقراطية أو بالسلاح.
تفتيت الفلسطينيين حول إسرائيل، وتهجيرهم إلى أبعد مكان من الشرق الأوسط هما الهدف الذي تسعى إليه إسرائيل.. ولعل القول بأن الأردن يمكن أن يكون دولة الفلسطينيين هو ابعد كثيرا مما تريده إسرائيل، فهي لا تريد دولة فلسطينية في اي مكان من العالم، وان كانت تقبل بالفلسطيني المشرد في اي مكان من العالم.
لا نحب ان نفهم التشريد المستمر للفلسطيني على انه شيء متعلق بأحمد جبريل ومنظمته، فهو تشريد ممنهج عمره أكثر من سبعين عاما، وهو جزء أساسي من عملية استزراع الكيان الصهيوني في وسط الوطن العربي.