يحتفل العالم في العاشر من كانون الأول من كل عام باليوم العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة، ولكن يختلف الاحتفال من دولة إلى أخرى؛ ففي الدول الديمقراطية تمّ احترام معظم كافة الحقوق التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهود والمواثيق الدولية كالعهد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وبالاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرآة، والاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيرها.
أما في الدول اللاديمقراطية وأشباه الديمقراطية، فإن هذا اليوم يشكل لأنظمتها فأل شؤم؛ لما يتم فيه من تركيز لمنظمات ونشطاء حقوق الإنسان على ما آل إليه واقع حقوق الإنسان لتلك الدول، التي تحرص دوماً أنظمتها وأجهزتها على تكميم الأفواه وانتهاك الحقوق الأساسية للإنسان ومطاردة النشطاء ومعاقبتهم بطرق شتى.
أما واقع الحال في الأردن فالكثير من النشطاء والمنظمات والجمعيات ومراكز الدراسات ترى أن احترام حقوق الإنسان لا يسر إنساناً يتطلع إلى النهوض بواقع حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية بكل ما تحمله من معان.
ولنلق استعراضاً موجزاً لبعض انتهاكات حقوق الإنسان، ليس في الممارسة بالتطبيق، وإنما في التشريعات (قوانين وأنظمة)، وفي الدستور أيضاً:
- ما زالت المادة السادسة من الدستور تخلو من المساواة بين المواطنين في القانون، وليس أمام القانون فقط، كما خلت المادة أيضاً من المساواة بغض النظر عن الجنس، ومن الجدير بالذكر أن اللجنة الملكية لتعديل الدستور التي أوصت بتعديلات كثيرة على الدستور (تعديلات شكلية)، قد رفضت تطبيق المادة 6 بهذه الملاحظات:
- قانون الانتخاب ما زال ينتهك مبدأ المساواة وعدالة التمثيل والمساواة في قوة الصوت؛ من خلال عدم توزيع الدوائر نسبة إلى السكان، تحت مبررات واهية تنسف مبدأ المواطنة.
- قانون الجنسية الأردني الذي يحرم المرأة الأردنية المتزوجة من غير أردني، منح الجنسية لأبناءها أو وزوجها، أو حتى منحهم حق الإقامة الدائم دون عوائق إدارية وأمنية.
- قانون الأحزاب الذي يمنح صلاحيات واسعة للوزارة بالتدخل بشؤون الأحزاب الداخلية، كما يفرض قيوداً وشروطاً مجحفة على تأسيس الأحزاب، بينما الأصل أن يتم الإعلان عن تأسيس الحزب بالإشهار فقط.
- قانون الجمعيات ما زال يحرم المواطنين من تسجيل جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني بحرية وعبر الإشهار، كما ما زال يمنح الوزارة أيضاً قيوداً على نشاطاتها التي تتطلب موافقات مسبقة، ويمنح الحق للوزارة أيضاً بالتدخل بشؤون الجمعيات؛ مما يفقدها استقلاليتها.
- قانون الاجتماعات العامة الذي يمنح الحق للحاكم الإداري بفض أي فعالية (مسيرة، اعتصام، مهرجان، ورشة عمل) في ظل صلاحيات تقديرية.
- قانون المطبوعات والنشر الذي يفرض قيوداً ورقابة على حرية التعبير، بل العمل من خلال فرض قيود على بعض المهن كمراكز الدراسات ومكاتب الإعلانات والترجمة والمطابع، بل تتطلب موافقات أمنية، أضف إلى ذلك التعديلات التي أدخلت في الآونة الأخيرة على المتطلبات لعمل المواقع الالكترونية.
- قانون التنفيذ الذي يسمح بحبس المدين خلافاً للمادة 11 من العهد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، الذي يتيح تكرار العقوبة على نفس الفعل لمدة تصل إلى ثلاثة شهور سنوياً على كل دين، أي يمكن حبس إنسان لسنوات طويلة إذا كان مديناً بأربع كمبيالات أو محكوماً بأربع حالات دين، وهنا أتحدث في حالة العسرة ، وليس في حال توفر أركان جريمة الاحتيال والنصب.
- قانون البلديات الذي يسهل إنشاء بلديات بكثافة سكانية متواضعة وفي حق الوزير بتعيين عضويتها في كل مجلس بلدي، إضافة إلى التدخل في شؤون عمل المجلس البلدي، كما يتمثل في حرمان أهالي عمان من انتخاب كامل أعضاء مجلس الأمانة بمن فيهم أمين عمان.
- المحكمة الدستورية التي حرمت المواطن والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني (وهي المتضررة) من الحق في الطعن في دستورية القوانين.
هذا بعض من الانتهاكات الصارخة للاعلان العلامي لحقوق الإنسان، فالمطلوب من السلطة التنفيذية أن تعمل على تصويب هذه الانتهاكات من خلال تعديل القوانين والتشريعات بما ويتواءم مع العهود والمواثيق الدولية، كما مطلوب من السلطة التنفيذية أيضاً أن توعز للسلطة القضائية بالاحتكام إلى العهود الدولية كجزء من التشريع الأردني، علماً أن الاتفاقيات والعهود الدولية تسمو على القوانين المحلية. فهلاّ توفرت الإرادة الجادة لنرى هذه الحقوق واقعاً لا شعارات!