أخبار البلد -
فايز شبيكات الدعجه
لم يعد قوت الأردنيين بأيدي أمينة.فبالتزامن مع أخبار التبذير العبثي للأموال الأردنية المسروقة في متاجر هارودز اللندنية الذي كشفت عنه وسائل الإعلام مؤخرا ،يتساءل الطفل سيف جمال (12)عاما عبر جريدة الغد(
"أنا شو ذنبي أتحمل قرارات الحكومة وأبرد كتير ؟." والذي صار جزءا من معاناة عائلته بقرارات منزلية تحتم ضبط إشعال مدافئ الغاز والكاز. وكان شاهدا على خلافات والديه، ما دفعه "اختصارا للشر" لارتداء ملابس "سميكة" ويغطي نفسه وإخوته بـ "حرامات" ثقيلة، لإدراكه التزامات والده الصعبة، وعدم قدرته على تعبئة جرة الغاز بـ 10 دنانير كل أسبوع ).
يحدث هذا بالتزامن كذلك مع الأخبار التي تفيد بتبرع خوسيه موخيكا رئيس الارغوي ب90%من راتبه الشهري لصالح الأعمال الخيرية ،والاحتفاظ لنفسه بملغ 1250.دولار شهريا فقط ،ويعيش حياة كريمة بلا رصيد مالي لأنه يعلم أن فقراء بلده يتقاضون اقل من ذلك، وهو إلى ذلك يقيم في منزل ريفي بسيط ،ويملك سيارة فولكس فاجن قديمة فيما تسجل بلاده أرقاما متدنية في حجم ظاهرة الفساد.
دخل الأردن في ظلمات مرحلة الدرك ،وهي المرحلة التي مهدت لزوال الأنظمة العربية المتساقطة ،ويتعرض الأردنيون حاليا لهجمات مؤسسة الحكم ،وأصبحت عبئا ثقيلا على الناس بعد أن سرق رموز الحكومات 90% من دخل الشعب ،وقد أتقن رئيس الوزراء في غزوته الأخيرة على جيوب الفقراء والمساكين التأسيس لكراهية النظام .وأصابت شظايا القرار رموز الحكم وتكررت حالات التطاول عليهم بشكل غير مسبوق.
يشهد الأردن منذ أيام تطورات ميدانية مثقلة بالفقر ،رغم الهدوء الظاهري في الشارع الذي يخفي خلفه احتقانات وأحقاد شعبية متلبدة ،ويتهامس الخاصة بضرورة إعادة عاجلة لجزء من الأموال المنقولة الآن ،ثم بيع غير المنقولة للأثرياء والمؤسسات الاقتصادية غير الحكومية بلا تردد أو إبطاء، إضافة إلى ترك كثير من العادات السرية التي باتت مكشوفة رغم الاعتقاد بأنها تمارس في الخفاء ،والكف عن الخلوة بالحرس القديم ،حتى تتمكن مؤسسة الحكم من النجاة وتستطيع الإجابة على سؤال الطفل سيف ،قبل أن تلقى ذاك المصير الذي يبدو وشيكا بعد فشل الحكومة بتقديم مبررات مقنعة لارتفاعات الأسعار الشيطانية، وقناعة الشارع بان أموال الأردنيين مسروقة ولا زالت بأيدي الفاسدين ،وهي الحقيقة الراسخة التي تدركها دول الخليج ،وامتنعت على أساسها من تقديم التعويضات المالية عن المال المنهوب ،رغم كل التوسلات والإلحاح في التسول والاستجداء ،لأنها باختصار شديد لا تستطيع تسديد فواتير الفساد .
يرفض الأردنيون اعتبار الحكومة من يحمل وجهة النظر الأخرى عدو مبين ،وتقسيم المواقف بين الولاء والمعارضة، والتشكيك بأهداف الحراك ونواياه ،ويستطيع رئيس الوزراء أن يأخذ الحصان إلى الماء لكنه لا يستطيع أن يجعله يشرب حسب المثل الانجليزي الشهير ،وكل الأردنيين أساتذة في التمييز بين حامل المسك ونافخ الكير ،ولن تفيد أساليب إقامة أعراس التأييد والولاء المفتعلة في الخرابيش والخيام لتظليل الرأي العام وإنقاذ سمعة النظام الذي تهاوت درجات شعبيته إلى ما دون الصفر ولا زال يتساءل ...لماذا يكرهوننا؟fayz.shbikat@yahoo.com