: لا يبدو أن التغيير الوزاري الأخير في الأردن قد حمل معه أي معالجة من أي نوع لأزمة مقاطعة الإنتخابات العامة المستعصية في البلاد فالإتجاه الرسمي برمته يرتب لإنتخابات خالية من الإسلاميين، وحركة الأخوان المسلمين بدورها رتبت أوراقها على أساس ندرة مبادرات اللحظة الأخيرة.
الطرفان متخندقان عمليا خلف موقفهما المعلن فمؤسسة القرار الرسمية ترفض أي تعديل على قانون الإنتخاب فاتت فرصته أصلا من الناحية الدستورية بعد إعلان تحديد موعد يوم الإقتراع.
وحركة الأخوان المسلمين مع بعض حلفائها في الحراك والشارع تجاوزت عمليا ومبدئيا إحتمالات المشاركة في الإنتخابات وفقا للوضع الحالي بعد إنتهاء عملية التسجيل بتجاوز سقف مليوني ناخب محتمل.
بدورها لم تتقدم الحكومة الجديدة برئاسة الدكتورعبدلله النسور بمبادرة من أي نوع خارج سياق إستراتيجية الدولة في إلمجازفة بالإنتخابات بدون الإسلاميين رغم أن الرجل الثاني في تنظيم الأخوان المسلمين الشيخ وكي بني إرشيد تقدم عبر (القدس العربي) بالعرض الأخواني الأخير المتمثل بالإعلان عن عدم السعي للأغلبية في برلمان المستقبل.
بالنسبة للشيخ إرشيد وحسبما ما سمعت القدس العربي في جلسة سياسية حوارية قبل أيام فات الوقت على تقديم الحركة الأخوانية لأي تنازلات على حساب المبدأ مشددا على أن التعديلات الدستورية لا زالت شرطا أساسيا للمشاركة في الإنتخابات.
أما بالنسبة لرئيس مجلس شورى جبهة العمل الإسلامي علي أبو السكر فالوقت ما زال فيه بقية ويمكن التوصل إلى توافق على تجاوز الحالة المستعصية الراهنة لو وضع برنامج زمني للإصلاحات الدستورية مقنع لكل الأطراف في حال تأجيل الإنتخابات.
داخل أوساط المعارضة والحراك يمكن الإستماع للإيقاع الذي يقترح تأجيل الإنتخابات حتى يتم التوصل لتوافق وطني على قانون إنتخاب منصف وتقبله كل الأطراف.
والشيخ إرشيد نفسه ألمح إلى ان التأجيل والعودة لمحاورات توافق وطني خيار يمكن للإسلاميين أن لا يرفضوه مؤكدا بان المشاركة في ظل قانون الصوت الواحد غير واردة إطلاقا.
لكن على الجبهة الرسمية لا يوجد مؤشرات من أي نوع على إحتمالية قبول أية أفكار حول تأجيل الإنتخابات التي يخشى البعض أن تكون سببا في تأزيم المشهد الوطني المتأزم أصلا.
الجبهة المستقلة لإدارة الإنتخابات قررت تنظيمها (بمن حضر) من الناخبين وعملية الإقتراع ولأول مرة ستكون في أحد أبرد أشهر فصل الشتاء, الأمر الذي يقدر الخبراء أنه سيؤثر حتما على نسبة الإقتراع قياسا بنسبة التسجيل.
لكن دوائر القرار تبدو مستعدة للمجازفة بذلك أيضا بعدما أصبح تنظيم الإنتخابات في الشهر الأول من عام 2013 قرارا سياسيا حاسما على المستوى المرجعي لإدارة الدولة مما ينتج سيناريوهات حول مشاركة بنسب منخفضة نسبيا في إنتخابات محورية ومهمة يراد لها أن تغير ملامح المستقبل السياسي للبلاد.
صراع الإرادات بين الحكومة والأخوان المسلمين حول ملف الإنتخابات يؤدي لإنقسام أراء المجتمع والنخبة السياسية فيما تستعد البلاد لعملية إنتخابية وسط هذا الجو من التباين في الأراء والإتجاهات العامة وهي مسألة من الواضح أن المعارضة الأخوانية يمكنها إستغلالها بمهارة.
حكوميا إنتهت المفاوضات وبدأت الترتيبات الفعلية حيث تم الإعلان عن المهلة القانونية المتاحة لموظفي القطاع العام الراغبين في الترشيح ورئيس الوزراء تعهد بإسم القيادة بأن تكون إنتخابات نزيهة وشفافة واعدا بأن لا تتدخل الأجهزة بها.
وفيما يخص الحركة الإسلامية يفكر المطبخ الأخواني بإعلان مبادرة اللحظة الأخيرة التي يحاول ضمنيا فيها عدم تحمل مسئولية أزمة الإنتخابات أمام الرأي العام مع وضع برامج موازية للوضع التنظيمي بعد المقاطعة وفي ظل العمل مع الشارع خارج البرلمان.