اكثر من عشرة الاف متقاعد عسكري يعانون هذه الايام،واذ تتأمل معاناة المتقاعدين تعرف ان الحكومات تتفنن في خلق المصاعب للناس دون سبب مقنع،وفي قصة المتقاعدين هؤلاء ظلال قديمة،فالقصة ليست ابنة اليوم.
المتقاعدون العسكريون هؤلاء وبعد تقاعدهم ذهبوا للعمل في الحكومة،والقانون يقول ان اي عسكري متقاعد يحصل على وظيفة حكومية،وبات يجمع فعليا بين راتبين،اي التقاعد والراتب الحالي،وفي حالة زاد راتبه الحكومي عن ثلاثمئة دينار،فإن اقتطاع نسبة من راتبه التقاعدي امر لابد منه،وهكذا فإن مايأخذه المتقاعد باليمنى،يتم استعادته باليسرى.
تعرض هؤلاء الى مفاجأة اذ تم اقتطاع خمسين بالمائة من رواتبهم التقاعدية،لان رواتب اغلبهم في الحكومة تتجاوز الثلاثمئة دينار،وهذا تصرف غيرعادل ابدا،حتى لو تمت تغطيته بالقانون،فما الذي سوف يستفيده المتقاعد اذا عمل في الحكومة،وذهبتم بالمقابل واقتطعتم نصف راتبه التقاعدي،وكأنه يراد للمتقاعد العسكري ألا يرفع رأسه،وان يبقى ضمن الحد الادنى في هذه الحياة.
الاف المتضررين،وبعضهم ذهب السبت معتصماًعند الديوان الملكي،وتم الاتفاق معهم على فض الاعتصام لعشرة ايام،حتى يتم ايجاد حل لهذه المشكلة،ولابد من حلها،لان ظروف الناس صعبة جدا،وبالكاد يعيشون،حتى عند الجمع بين راتبين،فما بالنا حين يتم اقتطاع جزء من التقاعدي،بذريعة ان صاحبه يعمل في وظيفة حكومية؟!.
مالذي يراد للناس ان يفعلوه،في ظل التزامات الناس المالية من ايجارات للبيوت واقساط سيارات وتعليم الابناء،ثم ان الغلاء لم يترك احدا في حاله،وقد حرق الاخضر واليابس،ونال من الجميع،بما فيهم من كانوا يصنفون بكونهم من ذوي الدخول المرتفعة،التي باتت لاتكفي ايضا لتمويل تعليم الابناء في الجامعات.
ايهما افضل ان يعمل العسكري المتقاعد بعد تقاعده،ونحفظ كرامته وكرامة عائلته،ام ندفعه الى الغضب والى الضيق والحاجة والفقر ومد اليد والمعارضة المستجدة،ايهما افضل ان نكرم هؤلاء لكونهم متقاعدين من المؤسسة العسكرية،ام نلاحقهم ونخصم منهم نصف رواتبهم التقاعدية،واي رسالة يراد ايصالها هنا بذريعة لاقيمة لها أي:اشتراطات وتعليمات الجمع بين راتبين تقاعديين.
هذا امر مؤسف جدا،لان المتقاعد العسكري الذي امضى عمره وهو يخدم البلد،بكل هذا النبل والصبر والحرفية والاخلاص،لايجوز ان تتم معاملته بهذه الطريقة،لا هو ولاغيره من مواطنين بطبيعة الحال،وهي دعوة هنا للجهات الرسمية المختصة ان تقف عند هذه القصة،وتتخلص من هذا المبدأ الذي يريد التوفير على الخزينة،مقابل افقار الناس وتجويعهم،في زمن صعب جدا.
لعل وعسى هناك من يقرأ ويسمع،في ايام باتت تتسم بامتداد ليلها الى نهارها.
التاريخ : 15-10-2012