أخبار البلد -
لا شك ان القانون المعدل لقانون المطبوعات والنشر الموجود حاليا بين يدي اللجنة القانونية فرصة لتنظيم المواقع الالكترونية الاخبارية وضبط الفلتان الذي يعيشه هذا القطاع الاعلامي بسبب تجاوزات البعض.
«الهيصة» التي رافقت اقرار الحكومة للقانون وتحويله الى مجلس النواب تستدعي من جميع المعنيين التوقف والتبصر بمواد القانون الذي لم اجد فيه الا اعترافا بشرعية الموقع الالكتروني الاخباري كمؤسسة اعلامية واسنادا لنقابة الصحفيين حتى لا تفقد مظلتها كراع للسلطة الرابعة ومعززا لرفع سوية المهنة وارتقائها لتأدية واجبها في كشف الحقيقة والمساهمة في الحفاظ على الصالح العام.
المواقع الاخبارية المهنية معروفة للجميع ويشار لها بالبنان، فهذه التي وقفت بالمرصاد لمن حاولوا اختطاف الدولة في 24 اذار هي نفسها التي نبشت عش الدبابير وساهمت في كشف الفساد وفضح الفاسدين الذين يقبع بعضهم في السجون، فيما يجري التحقيق في قضايا اخرى كثيرة والحبل على الجرار.
بعض المعارضين للقانون وفي مقدمتهم التمويل الاجنبي يختبئون باجنداتهم تحت شعارات الحريات للوصول بنا الى الفوضى الخلاقة التي ثبت فيما يسمى بالربيع العربي ان الاعلام كان له دور في اثارة الفتنة بين ابناء الشعب الواحد وتجيير الثورات الشعبية التي طالبت بلقمة العيش والكرامة لحساب اجندات بدأت تضع اهدافها والمهمات المطلوبة منها في تفتيت «وحدة الحال» في المجتمعات العربية الى « احوال « لاذكاء العنف الطائفي والعشائري واشغال كل دولة عربية خاصة المجاورة لاسرائيل في همومها الداخلية حتى يتمكن الصهاينة من تخليص القضية الفلسطينية وفق رؤيتهم ومعتقداتهم الدينية التي تستعر حاليا في تهويد مدينة القدس.
اما داخليا، فمن الرافضين للقانون، وبالمناسبة عدد كبير منهم ليسوا اعضاء في نقابة الصحفيين، انهم تشددوا في معارضتهم من باب ان الحكومة لم تشاروهم، مع ان المحاولات كانت جاهدة لعقد اجتماعات للتحاور في تشريع ينظم عمل المواقع الالكترونية الاخبارية الا انها كانت تفشل وللاسف بسبب اختلاف اهداف واولويات ناشري المواقع انفسهم.
ومع ذلك فقد كان نقيب الصحفيين الزميل طارق المومني الذي اختارته الهيئة العامة ناطقا لها وممثلا عنها عبر صناديق الاقتراع، ركنا اساسيا في الحوار الذي كشفته محاضر اجتماعات في رئاسة الوزراء بهذا الخصوص، ووافق على توصيات اللجنة التي ضمت نخبة من القضاة الاردنيين المتمرسين بقضايا المطبوعات والنشر بان ترسل مسودة مشروع القانون الى ديوان التشريع ومن ثم الى مجلس الوزراء لاقراره وارساله الى مجلس النواب لمناقشته والتصويت عليه في الدورة الاستثنائية.
وقبل ان نجيب على السؤال لماذا هذه «الهيصة»؟. لا بد ان نقر ان بعض ناشري المواقع الالكترونية يملكون من المهنية والحرفية وان قانون نقابة الصحفيين حرمهم ان يكونوا اعضاء في هيئتها العامة، اما البعض الاخر الذين وافقوا ان يكونوا بوقا لمراكز معروفة للجميع بفسادها وبانها سبب من الاسباب التي قادتنا الى ما نحن فيه الان. فهؤلاء من صنيعة جهات نسمعها دائما تتغنى بالوطن والوطنية ولكنها في الكواليس لا تتوانى عن برمجة هؤلاء للدفاع عن مصالحها الخاصة على حساب الوطن والمواطن الى ان وصلت بهم الامور الى التطاول على رمز الدولة.
مجمل القول، ان القانون المعدل لقانون المطبوعات والنشر الذي نقترح فيه على مجلس النواب ان يحاكم كل موقع غير مرخص حسب الاصول على القوانين المتعلقة بالانترنت مثل قوانين الجرائم الالكترونية والاتصالات والعقوبات وان يصرف النظر عن الحجب حتى لا تظل الاجهزة الرسمية بمختلف اختصاصتها « قميص عثمان « الذي يتباكى عليه هؤلاء للاستمرار في خرق ادبيات واخلاق المهنة وحتى يبقى الفلتان والفوضى عنوانا للاعلام الاردني الذي رفع السقف بجرأته وحرفيته ومهنيته من اجل مصحلة الوطن والمواطن والعرش.
وما دام الجميع يريد خير الوطن، فالاعتراف بالمواقع الالكترونية في القانون المعدل واشتراط تعيين رئيس تحرير ممارس وعضو في نقابة الصحفيين، هو بداية الاصلاح الحقيقي. فتوافر هذه الشروط سيضع الناس مجددا امام الحقيقة ويحميهم من افتراءات وشائعات الطابور الخامس ويساعدهم في كيفية المشاركة في صناعة القرار من خلال صناديق الاقتراع.