كُنتُ متردداً في الكتابة عن تجربة البعثات الأولمبية الأردنية، وعدم جدواها وتكبيد الخزينة الأردنية نفقات كبيرة بغير مردود حقيقي؛ لأنني كنتُ أتوقع عدم تفهم القائمين على الأمر لجوهر المقال ومقصوده، وأن يُوظف ذلك في مساق العداء للرياضة، وعدم الاهتمام بهذا الشأن الحيوي المهم. ولكن الفضيحة المُدوية التي فجّرتها البعثة الأردنية الأولمبية للمعاقين في ايرلندا الشمالية المتمثلة بتوقيف ثلاثة أعضاء من الفريق الأردني بتهمة ارتكاب جرائم جنسية -ومنها بحق أطفال- إن أثبتت التحقيقات ذلك جعل من الكتابة في هذا الشأن الخطير أمراً في غاية الأهمية؛ إذ إن وزيرة الرياضة في ايرلندا الشمالية سارعت إلى عقد اجتماع عاجل من أجل مناقشة هذا الأمر الجلل، ما جعل هذا الخبر المسيء مضغة في أفواه الإعلام الدولي، ومن أكثر الأخبار تداولاً واطلاعاً. إن مجرد عودة البعثة الأولمبية الأردنية للأصحاء خالية من الوفاض؛ إذ لم يستطيعوا الحصول على أية ميدالية برونزية فضلاً عن الذهبية والفضية، يُشكل فضيحة أدبية تستحق التوقف الجاد والحاسم على هذا الفشل الذريع، ما يستوجب اتخاذ خطوات انقلابية جذرية في الطاقم الرياضي العاجز عن رفع مستوى الرياضة الأردنية والعاجز عن البحث الحقيقي عن القدرات المتوافرة في المجتمع والعاجز عن تأهيلها لتصل إلى مستويات المنافسة العالمية. إن الفضيحة المُدوية التي ارتكبها الفريق الأردني تدل على أن رائحة الفساد الممزوج بالتخلف والعجز الإداري والخواء الفكري والقيمي أصبح في حالة لا يجوز السكوت عنها، ولا ينفع معها أسلوب المداراة و"الطبطبة" الذي يجعل من هذه البعثات وصْمة عار تلحق بكل أردني، فلا أقل من أن يكون الفريق الأردني والبعثة الأردنية على قدر محترم من مستوى الأخلاق والقيم وتمثل القيم الحضارية للمجتمع الأردني والهوية العربية الحضارية، إن لم يكن قادراً على تحقيق أرقام رياضية قياسية وتحصيل ميداليات في ميدان التنافس العالمي ترفع من سُمعة الأردن على مستوى دول العالم وتسطر اسم الأردن في سجل الانجازات العالمية. بمعنى آخر يتم صرف أموال طائلة من خزينة الدولة القائمة على تحصيل الضرائب التي يقتطعها الأردنيون من قوتهم وقوت عيالهم، من أجل شراء "البهدلة والسُمعة السيئة"، التي تلحق بالدولة والشعب جميعاً، فأي مستوى من المسؤولية يتمتع به هؤلاء، وأي مستوى من الروح الرياضية والتربية الخُلقية التي صُنعت من قبل المسؤولين على مدار سنوات وعقود متوالية. لذلك لا بد من صرخة أردنية مُدوية نُطلقها في عنان الفضاء الأردني لكل صاحب مسؤولية ولكل صاحب قرار يتعلق بهذا الموضوع الخطير. ينبغي عقد اجتماع طارئ يتولاه رئيس الحكومة من أجل تدارس هذا الانحطاط وهذا الفشل وهذا العجز المتراكم، ولا بد من استقالة كل طاقم المسؤولين والإداريين الذين يتولون هذا الشأن، ورسم استراتيجية رياضية جديدة، تقوم على اختيار الأكفاء الأمناء الذين يجمعون بين كفاءة التخصص والمستوى الفكري المتطور والسلوك الأخلاقي الرفيع، والوعي الاستراتيجي الكبير بهذا المجال الحيوي الذي يتعلق بأهم قطاع من قطاعات المجتمع وهو قطاع الشباب، قطاع يمثل مستقبل الأمة ومستقبل الدولة، ويجب وضع حدٍ لهذا الترهل ولهذا الفساد الذي ينخر جسم الدولة ومؤسساتها، ووقف المحسوبيات والشلليات في اختيار اللاعبين والإداريين والمسؤولين الكبار الذين حوّلوا الرياضة الأردنية إلى مشيخات وحواكير فاشلة وعاجزة ومشلولة. وبمقولة أشد اختصاراً : إن المؤسسات الرياضية تحتاج إلى انقلاب وتطهير بكل معنى الكلمة، مع أنه كان الأجدر بهم أن يبادروا إلى تقديم استقالاتهم فوراً، من دون اللجوء إلى أساليب التبرير والتغطية عن العجز المستديم والفشل المرعب. |
||
rohileghrb@yahoo.com | ||
مهزلة البعثات الأولمبية الأردنية
أخبار البلد -