أخبار البلد -
تعاني الادارة المحلية الاردنية المتمثلة في البلديات وامانة عمان الكبرى من حالة يمكن وصفها بالفشل العام في تحقيق اهدافها منذ زمن ليس بالقصير، على الرغم من تخصيص مئات الملايين من الدنانير لها سنويا معظمها يذهب في غير مواضعه السليمة على شكل تعيينات هائلة لا تعتمد ابسط الاصول في التوظيف الحكومي ومشاريع بلا جدوى حقيقية، في الوقت الذي تتردى فيه الخدمات العامة المقدمة للمواطنين على نحو متسارع في كل شيء مما دفع بعضهم الى العمل على اغلاق ابواب المجالس المحلية بايديهم ما دام انه لا جدوى منها!
ازمة حقيقية تفرض نفسها في مجال الشؤون البلدية والخدمية في مختلف انحاء الاردن بدأت في افلاس بلديات كثيرة وعجزها حتى عن دفع رواتب موظفيها وتسديد فواتيرها الكهربائية وشللها التام عن اداء الواجبات المتعلقة بها وتراكم مديونية مزمنة تزيد على مئة مليون دينار سنويا يتجدد صرفها بين فترة واخرى من موازنة الدولة من دون وضع نهاية لها، وانتهت الى وصول هذا الوباء الخدمي الى امانة عمان الكبرى التي كانت حتى وقت قريب قادرة على الموازنة بين ايراداتها ونفقاتها لتصل الى عجز قياسي ومديونية توازي دخلها لعام كامل على اقل تقدير!
امام هذا الواقع الذي يكاد يصل الى طريق مسدود في قطاع الشؤون البلدية والخدمية جاءت ورشة العمل التشاورية حول قانون البلديات التي عقدت قبل ايام في البحر الميت، لتشير بوضوح الى ضرورة ان يكون هذا التشريع منطلقا رئيسيا في تصويب مسيرة المجتمعات المحلية التي اعترتها اخطاء وخطايا على مدار عقود من الزمن، من خلال انتخابات بلدية عامة وشاملة على اسس جديدة وفاعلة ينتظر ان تجرى خلال العام القادم بعد اجراء الانتخابات النيابية العامة، لعلها تنقذ ركنا اساسيا في العملية الديمقراطية يرتكز على المشاركة الشعبية المتنورة ! .
يبدو ان المصارحة كانت حاضرة في الورشة لكشف الخبايا والدوافع وحتى المصائب التي اوصلت البلديات الاردنية الى هذا الوضع الذي لا تحسد عليه من جميع النواحي، ما دامت قد اثارت الاسباب والعوامل الرئيسية التي اوصلتها الى ما هي عليه ومنها تزوير ارادة الناخبين وانجاح اشخاص غير مؤهلين وتهاون المواطنين في اختيار ممثليهم في المجالس البلدية، مع فشل ذريع للمشاريع التي تم تنفيذها بالتعاون فيما بين وزارتي الشؤون البلدية والتخطيط والتعاون الدولي على الرغم مما يتردد عن اعتماد كافة المعايير والمتطلبات الضرورية مما يثير علامات استفهام كبيرة حول المعيقات والاهواء الشخصية والرسمية التي وقفت في طريقها وعدم التزام مبدأ الشفافية في توزيع المخصصات المالية والعمل على انفاقها في مجالاتها المحددة لارضاء المحاسيب والعصبيات على حساب الصالح العام ! .
لم يقف الامر عند هذا الحد بل تم وصف المجالس الاستشارية على مستوى المحافظات والالوية من ناحية اخرى بانها واجهات مجتمعية وعشائرية يتم تشكيلها بطريقة الارضاء لشخصيات ووجاهات محددة ولا تملك اية حقوق او صلاحيات تمكنها من القيام بمهامها، بما يعني ان ازمة الادارة المحلية في جميع المناطق بما فيها العاصمة ذاتها ستظل حجر عثرة امام اية مشاريع جديدة، بما في ذلك صندوق تنمية المحافظات الذي لم يباشر عمله بعد والاستمرار في تهاوي الخدمات العامة الى المزيد من التردي اذا لم تشهد نهضة نوعية في كل شيء تتجاوز المراوحة الراهنة الى افاق تخدم كافة المجتمعات لا ان تبقى عبئا عليها ! .