أخبار البلد -
اخبار البلد
حذرت خلية بحثية خاصة من تلاشي الحراك الشعبي الذي اندلع اوائل العام الماضي، دون ان يحقق اهدافه، او ينجز المهم من مطالبه المركزية المتمثلة في قيام الملكية الدستورية، وبناء الدولة الديموقراطية، وتطوير الحياة السياسية، وقطع دابر الفساد، وتعزيز اواصر الوحدة الوطنية، واعتماد مناهج وبرامج جديدة في التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، بعيداً عن السياسات الليبرالية وخصخصة المرافق والمؤسسات العامة التي اوصلت البلاد الى المأزق الراهن·
واعربت هذه الخلية البحثية الضيقة التي تضم خمسة باحثين ليس بينهم ممثل للحركة الاسلامية، عن خشيتها من انطفاء هذا الحراك وتشرذمه واحتواء فعالياته، لقاء بعض الاصلاحات الشكلية والتجميلية التي لا تغير او تبدل في واقع المعادلات الداخلية، ولكنها تصلح لاسترضاء المحافل الامريكية والاوروبية، شأن ما جرى في وقت سابق لدى بعض الدول الملكية العربية التي داهمها الربيع العربي، مثل المغرب والبحرين وسلطنة عمان·
واوضحت هذه الخلية في دراسة اطلعت عليها "المجد" رغم عدم اكتمالها بعد، ان تشكيل حكومة الطراونة التي اعلنت استهانتها بمفهوم "الشعبية"، وباشرت رفع الدعم عن بعض السلع، يؤشر على انتقال الدوائر الحاكمة من حالة الدفاع التي لجأت اليها منذ اوائل العام الماضي، واستغنت بموجبها عن حكومتي الرفاعي والبخيت، الى حالة الهجوم التي تعكس ثقة عالية بالنفس، مقابل الاستهانة بفعاليات الحراك الشعبي التي رسبت قبل اسبوعين في اختبار المواجهة مع الحكومة لدى رفع الاسعار·
وعقدت هذه الخلية عملية مقاربة وتماثل بين حكومة الطراونة التي تستهدف احتواء الحراك الشعبي وافراغه من مضمونه الراديكالي والجوهري، تمهيداً لرجوع حليمة الى عادتها القديمة·· وبين حكومة علي ابو الراغب التي استطاعت قبل اكثر من عشر سنوات اهالة التراب على مخرجات انتفاضة نيسان وانجازاتها، واعتماد سياسة عرفية واستفزازية تمثلت في حل البرلمان، ورفع الدعم عن كل السلع، وفرض المزيد من الاعباء الضريبية، واصدار ترسانة من القوانين المؤقتة ذات الطبيعة القمعية والتعسفية·
غير ان حكومة الطراونة لا تملك فرصة العمل القمعي المباشر والمكشوف، شأن ما كان متوفراً في السابق لحكومة ابو الراغب قبل عقد من الزمن، نظراً لان الظروف الحاضرة مختلفة بشكل كبير، سواء على صعيد الوضع الشعبي الداخلي الذي بات اكثر جرأة وتحدياً، او الصعيد الغربي الخارجي الذي بات حاضراً في عمق البيت العربي عموماً، وفي عقل صانع القرار الاردني الذي يجهد لاسترضاء الدوائر الامريكية والاوروبية التي تشترط، لقاء العون المالي له، تحقيق قسط معقول من الاصلاحات السياسية، وادامة الحفاظ على الامن الاسرائيلي·
واوردت هذه الخلية البحثية التي ستوزع دراستها عند اكتمالها على اضيق نطاق، جملة اسباب حالت دون وصول الحراك الشعبي المطول الى اهدافه وغاياته، وقالت ان ابرز هذه الاسباب قد تمثل في غياب القيادة المركزية الموحدة والشجاعة لهذا الحراك الذي بقى عفوياً وارتجالياً يتوزع بين المدن والمحافظات والعشائر وحتى انحاء العاصمة، وفق اجتهادات واهتمامات فردية وفرعية لا يضبطها وينظم فعالياتها برنامج محدد وموحد، ورؤية وطنية شمولية جامعة وطموحة·
وفيما انحت هذه الخلية باللائمة على قوى المعارضة واحزابها وشخصياتها المستقلة، جراء عجزها عن التوحد والتمدد خارج العاصمة، والتوافق على برنامج سياسي متدرج يتم التحشيد والتحريك على اساسه، الا انها قد ثمنت لهذه القوى التزامها بالهوية الوطنية، وامتناعها عن الاستقواء بالخارج، خصوصاً وهي تدرك ان لا قرار دولياً بضرب الامن والاستقرار في الاردن، وان المطلوب هو بعض الاصلاحات السياسية، والتنازلات السلطوية التي تكفل استمرار الحكم وتوسيع قاعدته الشعبية·
هذه الخلية لم تغفل دور السلطات واجهزتها الامنية في ارهاب شباب الحراك وقمعهم، شأن ما حدث على دوار الداخلية يوم 42 اذار من العام الماضي، وفي اختراق بعض جوانب الحراك وتلفيق جماعات مندسة واخرى بلطجية، غير انها (الخلية) قد توجهت في مشروع دراستها، بنقد شديد للحركة الاسلامية لانها، وهي اكبر فصائل المعارضة واوسعها تنظيماً وتأثيراً، لم تحسم امرها لجهة التمسك بالتغيير الجذري والاصلاح الجوهري، ولم تنهض بمسؤولياتها القيادية في توحيد قوى المعارضة السياسية والحراكات الشعبية ضمن اطار تحالفي شامل، وعلى وفق برنامج وطني يشارك الجميع في وضعه والالتزام به·· بل على العكس من كل ذلك، تسببت الحركة الاسلامية، بقصد او غير قصد، في شق الصفوف الشعبية، وقسم قوى المعارضة، حين تمسكت بانتمائها التنظيمي على حساب الانتماء الوطني وسارعت الى نقل برنامج الجماعة الاخوانية السورية الى الساحة الاردنية·
و"للمجد" عودة الى هذه الدراسة البانورامية لدى انجازها واكتمال صيغتها النهائية التي ستشتمل على بند التوصيات والمقترحات التي تعتبر اهم معطيات الدراسة !!