الدبلوماسي الاردني رأى أن الدول العربية اليوم تعيش في خضم «يقظة عربية» طال انتظارها، «اليقظة العربية كانت ناجحة في قول ما لا تريد ولكنها لم تبلور ماذا تريد، وهي نجحت في نبذ العنف والاستبداد، ولكنها لم تنجح في بلورة كل ما تريد لبرامج واهداف واضحة».
وقال إن «من الصعب اليوم الحكم على هذه اليقظة، ولن يكون مثل هذا الحكم ممكناً خلال شهور او سنوات، اذ إن هذه اليقظة تمثل عمليةً تحولية لن تنضج قبل مرور عقود من الزمن». واوضح المعشر أن نتائج هذه اليقظة لن تعرف قبل حسم المعركة التي يصورها البعض على أنها بين العسكر والاسلاميين بينما هي في الواقع بين «من يؤمن حقاً بالتعددية منهجاً لمجتمعنا العربي الجديد الذي هو في طور التكوين، وبين من يريد الاستمرار في اتباع نهج اقصائي استئثاري، سواء أكان هذا النهج مدنياً أم دينياً».
الوزير الأردني السابق، الذي يشغل اليوم منصب نائب رئيس «مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي» للدراسات، شدد على أن ما نشهده اليوم من بعض ردات الفعل الانفعالية على اليقظة الحالية، دليل على أن «البعض لا يزال مصراً على تجاهل الحقائق، وعلى محاولة العودة إلى الوراء»، مطالباً بضرورة قراءة ما يجري اليوم في سياقه التاريخي والمنطقي، «إنه بداية جدية لمعركة كان ينبغي أن تبدأ منذ زمن ولم تبدأ، معركة حقيقية من أجل التعددية السياسية والثقافية، والدينية».
وشدد المعشر على ضرورة أن تشترك كل القوى المدنية، التي «حملت التعددية السياسية شعاراً من دون تطبيقه»، والقوى الدينية التي حملت «شعارات تشكك بالتزامها التعددية السياسية والدينية»، في صف واحد في معركة ضمان التعددية للجميع من دون «مواربة وتسويف وتلاعب بالالفاظ». ورأى ان المجتمعات العربية عليها العمل على الارض لضمان التعددية، بحيث «لا يعود مسموحاً للقوى المدنية باحتكار السلطة مستخدمة الاسلام السياسي كفزاعة، ولا للقوى الدينية باحتكار الحقيقة او ادعاء القداسة»، إذا ارادت الانتقال إلى حالة ازدهار حقيقية.
المعشر أعطى ثلاثة دروس اساسية ساهمت اليقظة العربية في بلورتها، الدرس الاول «العمل المنظم على الارض» وعدم الاكتفاء بقرارات نخبوية بعيدة عن هموم الشعب، للوصول إلى حالة متقدمة من النضج السياسي وذلك لتحقيق المطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية. واعتبر أن ضمان الحريات الفردية والحقوق السياسية لن يأتي إلا من خلال العمل الحزبي المنظم لإسماع صوت المواطن، مؤكداً أن «ادراك هذه الحقيقة وبدء المعركة لتحقيقها، هو من أولى ثمار الصحوات العربية».
الدرس الثاني برأي المعشر هو «استحالة استدامة اعتماد بعض المجموعات او الاقليات على انظمة ديكتاتورية» تعطيها بعضاً من حقوقها وتضمن لها نظم حياتها بينما تسلب الحقوق لبقية المواطنين. اما الدرس الثالث فهو البدء بدخول مرحلة من العمل السياسي على الارض «حيث الجميع سواسية، لا قداسة دينية أو مدنية لاحد».
وشدد المعشر على أن أهم الخطوات الاولى لأي بدل عربي اليوم، هو الاتفاق على عقد اجتماعي جديد بين الحكم ومكونات المجتمع كافة. ورأى أن اسرائيل أكبر الخاسرين من اليقظة العربية حتى من قبل من أن تبدأ، لأنها رفضت حل الدولتين، مشدداً أن القطار فات على هذا الحل.(الاخبار اللبنانية)