أخبار البلد -
اخبار البلد
الكاتب المصري وائل عبد الفتاح هو صاحب هذه المقارنة بين مرشحَيّ جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية المصرية: الذئب والثعلب. قال في برنامج تلفزيوني إنه غير معني بالاختيار بينهما.
الذئب هو أحمد شفيق الذي يشكّل نجاحه تجديدا مكشوفا للنظام المصري الذي لم يضحي إلا برئيسه الشائخ حسني مبارك، ووزير داخليته حبيب العادلي، بالسجن، ومدير مخابراته عمر سليمان، بالاستبعاد السياسي، بينما تم تأهيل شفيق للمنافسة على منصب الرئيس، وتبرئة علاء وجمال مبارك، أميري النيوليبرالية والفساد، ومعهما كبار ضبّاط الشرطة، فكأنما المحكمة جددت تحالف الفساد والأمن، ذلك الذي حكم مصر ثلاثين عاما، وقامت انتفاضة 25 يناير ضده. زواج النهب والقمع مستمرّ، إذاً، في جمهورية الذئاب.
الثعلب هو محمد مرسي، مرشّح " الإخوان" الذين هبطوا على الثورة بالباراشوت، وحازوا مقاعد البرلمان بالأموال القَطرية، وتحالفوا مع المجلس العسكري الحاكم، لأكثر من سنة، تم فيها تمكين النظام المنهار من إعادة تكوين قواه.
" الإخوان" هم الذين منحوا لجنة الانتخابات الرئاسية، الحصانة ضد الطعن في قراراتها، وهم الذين تواطئوا على تفريغ قانون العزل السياسي من محتواه. وهو ما أدى، أصلا، إلى إمكانية ترشّح الذئب شفيق للانتخابات الرئاسية. ذلك هو ما خطط له الثعلب، لتكريس ثنائية الصراع المباركي - الإخواني، ومنع القوى الجديدة ( الناصري حمدين صباحي، والإسلامي المستقل عبد المنعم أبو الفتوح، وخالد علي مرشح شباب الثورة الخ) من المنافسة في جولة الإعادة ووضعها في مأزق الاختيار بين الذئب والثعلب.
لكن تجدد الانتفاضة الشعبية المصرية، اليوم، قلب السحر على الساحر:
بعد جريمة الحكم بالبراءة على تحالف النهب والقمع، هبت القوى الشعبية المصرية لاستدراك المآل المظلم وتصحيح مسار التغيير، وظهرت الدعوة إلى وقف جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، وتسليم السلطة إلى مجلس رئاسي مدني يضم أطراف المعادلة الوطنية: محمد البرادعي وحمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح ومحمد مرسي، على أن يتولى هذا المجلس لفترة انتقالية لا تزيد عن ستة أشهر، يتم، خلالها، عزل وتصفية قوى النظام القديم وتطهير أجهزة الدولة من رجاله وكتابة دستور الجمهورية الجديدة وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في مناخ ديموقراطي.
طرفا الثنائية، الذئب والثعلب، رفضا الاقتراح، وعدّاه " غير دستوري"! دستور مين؟ دستور المجلس العسكري الحاكم.
يدعي الذئب أنه مدني لكنه يريد استبعاد القوى المدنية الليبرالية والناصرية اليسارية من المنافسة، وبالمقابل، يدعي الثعلب أنه إسلامي ونهضوي، لكنه يريد احتكار تمثيل القوى الإسلامية المستقلة التي ظهّرتها الثورة، ولم تكن نتاج الثنائية المفبركة للمنظومة السياسية السابقة. حتى القوى السلفية، يلاحظ التقدميون المصريون، أنه يمكن إجراء تفاهمات معهم، ليس لأنهم أكثر اعتدالا، بل لأنهم أكثر استقامة وصدقية.
اليوم الاثنين، دعونا نتابع الحدث الأبرز في تطوّر السياسة المصرية: إعلان اتحاد حملتيّ المرشح الناصري صباحي والمرشح الإسلامي المستقل أبو الفتوح. يعني ذلك تشكيل جبهة الأغلبية المصرية الجديدة التي ستستردّ موجة 25 يناير الثورية، وتجدد حركة الجماهير العربية من الخليج إلى المحيط !