تشهد أستراليا، «قارة الشمس» بامتياز، منعطفاً تاريخياً في سياستها الطاقية، حيث أعلنت الحكومة الفيدرالية عن خطة هي الأولى من نوعها عالمياً لتحويل فائض الطاقة الشمسية النهارية إلى فائدة ملموسة لكل مواطن. المبادرة التي أطلق عليها اسم «مشاركة الطاقة الشمسية» لا تعد بتخفيف أعباء المعيشة فحسب، بل تمهد الطريق لنموذج عالمي جديد في كيفية استهلاك وإدارة الطاقة المتجددة.
تتصدر أستراليا العالم في معدل تركيب الألواح الشمسية على أسطح المنازل، حيث يتجاوز عددها 4 ملايين نظام شمسي. هذا الانتشار الهائل أدى إلى ظاهرة فريدة وهي وفرة غير مسبوقة خلال منتصف النهار المشمس، يصل توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية إلى مستويات فائضة ضخمة، لدرجة أن أسعار الجملة للكهرباء غالباً ما تهبط إلى الصفر أو حتى إلى المنطقة السلبية. في المقابل، تعاني الشبكة من ضغط شديد في ساعات المساء (بعد عودة الناس من العمل)، حيث يرتفع الطلب بشكل كبير.
برنامج «مشاركة الطاقة الشمسية» هو استجابة سياسية ذكية لهذه المعادلة، حيث يهدف إلى
استغلال الفائض وتشجيع الأسر على نقل استهلاكها العالي للطاقة (مثل تشغيل مكيفات الهواء، غسالات الصحون، وشحن السيارات الكهربائية) إلى فترة الذروة الشمسية المجانية.
تخفيف الضغط الليلي عبر تقليل الطلب في أوقات الذروة المسائية، ما يسهم في استقرار الشبكة ويقلل الحاجة إلى البنية التحتية المكلفة.
التحول وتداعياته على السوق
من المقرر أن يبدأ تطبيق العرض في يوليو 2026 كمرحلة أولى في ولايات نيو ساوث ويلز، وجنوب أستراليا، وجنوب شرق كوينزلاند، على أن يتم التشاور لتوسيع المبادرة لتشمل بقية أنحاء البلاد بحلول عام 2027.
يؤكد وزير الطاقة كريس بوين أن المبادرة «فريدة من نوعها عالمياً» وتهدف لضمان الاستفادة الكاملة من كل «شعاع شمس» يتم توليده بدلاً من إهداره.
أعرب المجلس الأسترالي للطاقة عن انتقاده لغياب التشاور مع الصناعة قبل الإعلان عن المبادرة، محذراً من احتمال إضرار ذلك بالثقة في القطاع وإحداث «عواقب غير مقصودة».
هذا التوجه الأسترالي يمثل اختباراً جريئاً فهل تنجح الدبلوماسية الحكومية في تحويل تحدي الوفرة الشمسية إلى مكاسب اقتصادية لكل مواطن، لتصبح بذلك نموذجاً يحتذى به في جميع أنحاء العالم؟