محرر الشؤون البرلمانية - بين شهيق وزفير يتنفس أحمد الصفدي اليوم في رسالته الوداعية التي كتبها وغصة مؤلمة ظاهرة بين سطورها انتابته بعدما شعر بأن ما حصده من عمل خلال فترة توليه رئاسة مجلس النواب أصابه الخلل والعطب والتصيد في مياه أرادها صافية ، فيما أشار إلى من أراد الصيد في مياه المجلس بعد تعكيرها..
كثيرة هي المواقف التي سطرها أحمد الصفدي في حياته البرلمانية، ولا شك أن جلها جاء في عضد الولاء والانتماء للوطن وترابه ووقوفه بصوت مدوِ خلف القيادة الهاشمية ومواقفها الثابتة تجاه القضايا المحلية والعربية والدولية.
رسالة أرادها الصفدي مكتوبة هذه المرة ، حتى لا تأخذ شجن صوته مآخذ لا يريدها، رسالة ملأها بالمشاعر وقد لا يستطيع في حال القائها بصوته إلا أن يتوقف مرارا ليأخذ نفسا ليكمل..
دعوات أمه واستذكارها أظهرت قيما وبرا لم نشهده في رسالة ربما وصفت بالرسمية ، فالرسالة التي أرادها وداعية ، سبقها قرار حزب الميثاق بتخليه عنه وهو الذي أعطى صورة واثقة لنهج الحزب لاقت به وبحضوره وهيبته وخطابه.. وهو ما يؤشر على ان حزبا تخلى عنه في قمة عطائه يسهل عليه الانفكاك والاستقالة منه دون وداع وهو الذي ساهم في تأسيسه ونهضته.
الصفدي أراد اليوم ن يوصل كم كان متعاونا مدافعا محبا لكل مبادى الإخلاص للوطن والمواطن وللمجلس، وكأن سهاما سامة أرادت النيل منه سواء بخيار النائب مازن القاضي كمرشح للحزب من بعده أو من أحزاب أرادت استغلال موقف ما في سبيل تشويه سجل عمله الواضح الذي لا يخفى على أحد، او جهات مختلفة داخلية وخارجية تصدى لها بصوت واثق .. فأراد أن يدافع عن حصاده ورؤياه وسيرته ومسيرته خلال دورات المجلس باختلاف تواريخها.
الكثيرون يعرفون قيمة النائب أحمد الصفدي وشخصيته وكاريزما حضوره، والمطلع على هذه الكاريزما يعلم أن كرسي الرئاسة لم يكن ليشكل إضافة على شخصيته من علو وطموح.. ومع ذلك كان الصابر الذي تجرع العلقم على كل من حاول المس بشخصيته.. وقد تولد صبره من استذكار والدته ودعائها، ومن العسكرية التي تربى في كنفها رافعا هامته شامخا مدافعا عن تراب الوطن وقيادته.
الصفدي أراد القول أنه فخور بمسيرته وما وصل بها من مرحلة وما قدم خلالها ، غير نادم على قرار اتخذه بحلوه مره ، غير مكترث بما يقال عنه ، فإيمانه بعمله يطغى على كل صوت يصيبه، مؤكدا نجاحات المجلس التي لا تخفى على أحد لمن أراد البحث ، ومعلنا أن ربان المجلس وكرسي الرئاسة وأي منصب قادم أو منتهي سيأتي من يملأه بعد أن يأتي الموت الذي لا محالة قادم ، تاركا خلفه إرثا قد يجد من ينصفه ويبرزه.
رسالة الجمعة للصفدي يبدو أنها خطبة مكتوبة ولكنها موحدة للسادة النواب وللرأي العام والنخب السياسية ، تقدم قراءة موضوعية بلغة متزنة سياسية راقية منحوتة وموزونة بكلماتها وافكارها على طريقة "اللهم اشهد فإني قد بلغت الرسالة" بعد أن حملت الأمانة تحت سطح الثوابت والوطن، وتأكيدا على أن العثرات التي واجهته تم انتاجها يدويا وزرعها على شكل الغام في طريق الصفدي، ومع ذلك فإن كل هذه المعاناة أو المؤامرة لن تجعله يحيد مطلقا عن خط البلد وثوابته خصوصا اذا كان هذا تحت سقف رضا الله ورضا الوالدين، فكان الصفدي اردنيا في السنة التي حمل بها امانة المسؤولية.