الاشتباك الباكستانيّ – الأفغانيّ: ابحث عن الهند!

الاشتباك الباكستانيّ – الأفغانيّ: ابحث عن الهند!
أخبار البلد -  

فجأة، تحوّلت الحدود الأفغانية– الباكستانية إلى جبهة مشتعلة، بعدما شنّت الطائرات الباكستانية غارات داخل الأراضي الأفغانية استهدفت العاصمة كابول وولايتَي خوست وننغرهار، وسط تبادل الاتّهامات بين الجانبين بدعم جماعات مسلّحة وتنظيمات متشدّدة.

يعيد هذا المشهد إلى الواجهة تاريخاً ثقيلاً من التوتّر بين الدولتين الجارتين، ويفتح الباب أمام تساؤلات عمّا إذا كانت الأزمة ستبقى محصورة بخلاف حدوديّ قديم أم مرشّحة للاتّساع لتتحوّل إلى صراع إقليمي بالوكالة بين قوى نوويّة كبرى في مقدَّمها باكستان والهند؟

 

اندلعت الاشتباكات يوم السبت وشملت سبع ولايات حدوديّة. أغلقت باكستان كلّ المعابر الحدوديّة مع أفغانستان التي تمتدّ على مسافة 2,600 كيلومتر، بعد خسائر بشريّة ومادّية كبيرة من الجانبين.

البشتون وإرث الحدود

منذ رسم البريطانيون "خط دوراند” عام 1893، ظلّت أفغانستان ترفض الاعتراف به كحدّ شرعيّ فاصل، معتبرةً أنّه اقتطع أجزاءً من أراضيها ومنع التواصل بين أفراد قبيلة البشتون، التي تشكّل العمود الفقريّ لحركة طالبان الحاكمة في أفغانستان و”طالبان – باكستان”. تتّهم إسلام آباد كابول بإيواء عناصر "تحريك طالبان باكستان” التي تنفّذ عمليّات داخل أراضيها، فيما تعتبر حكومة طالبان الغارات الباكستانيّة انتهاكاً صارخاً لسيادتها. مع انعدام قنوات التواصل الدبلوماسيّ الفعّال، تحوّلت الحدود إلى ساحة اختبارٍ لكلا الطرفين ولنيّات الجيران.

الاشتباكات بين الجانبين عادة قديمة. الجديد أنّ باكستان وجّهت اتّهامات إلى الهند بتمويل "طالبان باكستان” وجماعة "فتنة الخوارج” اللتين تنشطان داخل أراضيها. نفت نيودلهي التي تسعى إلى توطيد علاقتها بحكومة كابول هذه الاتّهامات، في ظلّ سباق نفوذ إقليميّ مع الصين وباكستان. سبقت الاشتباك زيارة وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متّقي للهند بعد قطيعة بين البلدين منذ عودة طالبان إلى الحكم في أفغانستان عام 2021 وعدم اعتراف نيودلهيّ بها.

اعتبرت باكستان أيّ تقارب أفغانيّ – هنديّ يمثّل تهديداً مباشراً لتوازن القوى في شبه القارّة

أفغانستان ذات موقع جغرافيّ حسّاس يمتدّ فوق المرتفعات الشاهقة لجبال الهندوكوش. على عتباتها تتقاطع ثلاث قوى نوويّة، الهند وباكستان والصين. الأمر الذي يضفي بُعداً استراتيجيّاً على وضعها الأمنيّ والسياسي. على الرغم من سعيها الدائم تاريخيّاً إلى اتّباع سياسة الحياد تجاه النزاعات الهنديّة الباكستانيّة، لم تلقَ جهودها تجاوباً إيجابيّاً من نيودلهي وإسلام آباد اللتين تسعى كلّ منهما لاستمالة كابول إليها ضدّ الأخرى.

الهند

في باكستان، الوضع السياسيّ متقلّب، وتشغل القلاقل الشارع اقتصاديّاً وأمنيّاً وسياسيّاً. يعيش الجزء الباكستانيّ من كشمير حالة من الاضطراب، وكذلك في المناطق الشماليّة الغربية. تأتي المناوشات على الحدود مع أفغانستان لتغري المتربّصين شرّاً بهذا البلد، لا سيّما الجارة اللدود الهند. ويشكّل امتلاكها السلاح النوويّ والقدرات العسكرية الكبيرة مصدر قلق لدول عدّة في مقدَّمها إسرائيل. لذلك يخدم إغراقها في الفوضى وعدم الاستقرار مصالح دول عدّة.

التّسلّل الهنديّ إلى أفغانستان

استغلّت الهند توتّر العلاقات بين كابول وإسلام آباد لتعزيز علاقاتها مع الحكومة الأفغانيّة، ورفعت مستوى تمثيلها الدبلوماسي في أفغانستان كي لا تبقى متخلّفة عن ركب خصمَيها الصين وباكستان. أبدت رغبتها في الحصول على ضمانات أفغانيّة في مجال مكافحة الإرهاب، علاوة على تعاون إقليميّ في مجال الأمن.

اتّفقت نيودلهي وكابول على استخدام ميناء تشابهار الإيرانيّ للتبادل التجاريّ بينهما. يهدف هذا الاتّفاق إلى تجاوز الهند موانئ باكستان وتأسيس علاقات اقتصاديّة قويّة مع أفغانستان عبر إيران. تعدّ الهند أفغانستان "جسراً برّيّاً طبيعيّاً” يربطها بآسيا الوسطى.

هنا تتقاطع الحسابات الهنديّة مع مساراتٍ أخرى، أبرزها علاقاتها المتنامية مع إيران ودول الخليج، التي تتيح لها الوصول إلى الأسواق والممرّات الآسيويّة عبر طرقٍ بديلةٍ تتجاوز الأراضي الباكستانية. هكذا يتّخذ التنافس الهندي – الباكستاني والهندي – الصيني في الساحة الأفغانية أبعاداً استراتيجيّةً تتجاوز حدود الاستثمار ليصبح جزءاً من صراع النفوذ الأوسع بين القوى الكبرى في آسيا.

تعدّ الهند أفغانستان "جسراً برّيّاً طبيعيّاً” يربطها بآسيا الوسطى

في هذا الإطار، تظلّ باكستان الحلقة الجغرافيّة والسياسيّة التي تربط الصين بأفغانستان، بينما تمثّل الهند الطرف المقابل المدعوم من القوى الغربيّة.

في المقابل يشي الانفتاح الأفغانيّ على الهند بسعي كابول إلى إعادة تموضعها خارج الفلك الباكستانيّ، وتجنّب الانحصار في المدار الصينيّ، في إطار توجّهٍ نحو موازنةٍ إقليميّةٍ جديدة أكثر استقلالاً وتعدّدية.

التّهدئة تفادياً لسباق إقليميّ محموم

تاريخيّاً، سعت باكستان إلى جعل أفغانستان عمقاً استراتيجيّاً ومجالاً حيويّاً لاختبار علاقاتها الإقليمية والدولية. اعتمدت إسلام آباد على نفوذها داخل أفغانستان كوسيلة لتأمين حدودها الغربية، وضمان وجود نظامٍ سياسيّ متعاون ومطواع يمنع تطويقها من الهند.

من هذا المنطلق، اعتبرت باكستان أيّ تقارب أفغانيّ – هنديّ يمثّل تهديداً مباشراً لتوازن القوى في شبه القارّة. إذا فقدت إسلام آباد علاقتها بكابول، فستصبح محاصَرة بالجيران الألدّاء، الأمر الذي سيغرقها في مشكلات سياسية وأمنيّة ويدفعها إلى العزلة الدبلوماسية.

تعتمد أفغانستان الدولة الحبيسة، التي خرجت للتوّ من حروب مدمّرة، بشكل أساسيّ على الموانئ الباكستانيّة، خصوصاً ميناء كراتشي، في عمليّات الاستيراد والتصدير. في حال إغلاق حدودها ستصاب بنكسة اقتصادية ومعيشية تضاعف من معاناة سكّانها.

هذا ما دفع إسلام آباد وكابول إلى الاستجابة الفوريّة لدعوة الرياض والدوحة إلى وقف فوريّ للنار والبحث عن سبل لحلّ ينزع فتيل الأزمة. إنّ أيّ مواجهة مفتوحة بين الطرفين لن تقف عند حدودهما، بل سترخي بتداعياتها الثقيلة على مجمل الإقليم الذي يشهد صراعاً محموماً على إعادة رسم خرائط النفوذ:

– أي اضطراب على حدود باكستان الشرقية أو الغربية يعيد تنشيط التنافس التقليدي بين نيودلهي وإسلام آباد.

يشي الانفتاح الأفغانيّ على الهند بسعي كابول إلى إعادة تموضعها خارج الفلك الباكستانيّ

– تنظر الصين إلى أفغانستان كبوّابة حيويّة لمبادرة "الحزام والطريق” وكمصدر محتمل للّيثيوم والمعادن النادرة، وتحرص على دعم استقرار باكستان حليفها الاستراتيجيّ.

– ترى واشنطن في اضطراب العلاقة بين كابول وإسلام آباد فرصةً لإعادة الإمساك بخيوط اللعبة في آسيا الوسطى عبر الضغط على طالبان وتطويق الصين وإيران وروسيا معاً.

إقرأ أيضاً:منطق الدولة يتقدّم على الميليشيات

– تراقب طهران وموسكو المشهد بحذر. تخشى الأولى تمدّد الجماعات المتشدّدة نحو حدودها الشرقيّة. ترى الثانية أنّ الفوضى عند خاصرتها الجنوبية تشكّل منصّةً جديدة للتنظيمات العابرة للحدود، وورقة ضغط أميركيّة في آن.

شريط الأخبار بدء حفل قرعة كأس العالم 2026 6031 جمعية قائمة بموجب قانون الجمعيات النافذ - تفاصيل الأمير علي يترأس الوفد الأردني في قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن الأردن الثالث عربيا في عدد تأشيرات الهجرة إلى أميركا لعام 2024 العثور على جثة داخل منزل في الأزرق.. والقبض على الجاني 164 ألف مركبة دخلت المنطقة الحرة خلال أول 10 أشهر من العام الحالي غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية مجددا.. خلل تقني يتسبب بتعطل مواقع عالمية على الإنترنت فريق المبيعات في دائرة تطوير الأعمال في المجموعة العربية الأردنية للتأمين يحقق التارجت السنوي كاملاً والشركة تحتفي بإنجازهم عشرات الآلاف يُؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى 3 وفيات وإصابة إثر تسرّب غاز في عمان الجيش: القبض على شخصين حاولا التسلل من الواجهة الشمالية عبيدات: تقليم أشجار الزيتون يلعب دورا كبيرا في تحسين الإنتاج شهيد باقتحام الاحتلال بلدة أودلا جنوبي نابلس الجيش يحبط تهريب مخدرات بواسطة "درون" على الواجهة الغربية الملك يشارك في قمة أردنية أوروبية بعمّان في كانون الثاني 2026 الاتحاد الأردني لشركات التأمين يختتم أعمال البرنامج التدريبي الأخير ضمن خطته التدريبية لعام 2025 "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر عدم الاستقرار الجوي خلال الـ48 ساعة القادمة "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة (43 %) من متقاعدي الضمان تقل رواتبهم عن 300 دينار