فايز شبيكات الدعجه
اتعظ الأردن بغيره ،وفرغ الشارع فيما يرى المحللون من نزع صواعق العنف، وبدأت رحلة العودة إلى الصواب ،وزالت حالة التوتر والانفعال التي أحدثها الانبهار بفقاعات الثورات العائمة على بحر الدم العربي ،وتم رصد حراك وطني منتظم مضاد للفتنة ،ونطق الصامتون ،وخرج الراكدون عن ركودهم للتصدي لمن يحاول بذر بذور الفتنة وضرب الاستقرار . والمؤكد ان الحراك الوطني المضاد قد نجح في الأسابيع الأخيرة ،وتمكن من تصغير حجم المسيرات السلبية ،وتقليص أعداد المشاركين في الاحتجاجات.
الواضح أن الأردن اخذ يتعافى من العارض الثوري المفتعل الذي الم به ،واغتسل من درن الفكر ألغلماني المفتقد للحد الأدنى من المعرفة بالأصول والقواعد المتبعة في الإصلاح والتغيير والذي طغى لفترة على ساحة الأحداث .
والواضح أيضا أن معيار المصلحة الوطنية العليا أصبح اخذ يتحكم بزمام الأمور ،ومل الناس من الأصوات الموجهة الجحودة التي تجاهلت النظر إلى النصف الممتلئ من ألكاس ،ودأبت على التنقيب عن المثالب والعيوب الوطنية ولم تغادر صغير ولا كبيرة إلا أحصتها لتسويد صورة الأردن ،والإيحاء بان ظاهرة الفقر والفساد هي حالة خاصة ينفرد بها الأردن دون غيره من الدول.
في هذا السياق يكفي كمثال الإشارة إلى أن المعهد الفرنسي للإحصاء قد نشر عام 2010 دراسة تفيد ان ما يزيد عن ثمانية ملايين فرنسي يعيشون تحت خط الفقر ويشكلون أكثر من 13%من عدد السكان ،وانه قد تم الحكم على الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك بالسجن مدة سنتين ونصف مع وقف التنفيذ لإدانته بجرائم اختلاس أموال عامة واستغلال السلطة والاستفادة بطريقة غير مشروعة حسب ما تناقلته وسائل الإعلام نهاية العام الماضي ،فيما بينت دراسات أجراها قبل بضعة أعوام جهاز الإحصاء الاتحادي الألماني أن الفقر في ألمانيا ينتشر بنسبة اكبر من بعض الدول الأوروبية ،وبلغ 10%من مجموع السكان في الدول الاسكندينافية، فيما تجاوزت النسبة 20 %في اليونان واسبانيا ...يحدث في الدول المتقدمة الغنية فما بالك ببلد نامي ومحدود الموارد والإمكانيات كالأردن؟.
جديد الربيع الأردني يشير إلى ترسخ القناعة لدى الأغلبية الشعبية بان الصمت والحياد لا يكفي لإنقاذ الوطن من الوهم الثوري ،ولا بد من حملة وطنية شاملة للحفاظ على الوحدة الوطنية والأمن لتجنب النتائج التي آلت إليها الأوضاع الداخلية في الدول العربية التي تتجدد فيها الفتن وتتسع دائرة الحرب يوما بعد يوم .
خليط الحركات الثرثارة كان بوزن الذبابة وتساقط تلقائيا ،وكانت نتائج التوجه الشعبي الجديد فورية ،وزالت طفرة التنظيمات العرضية المفاجأة ،وتفرق شمل المنظرين ،وتلاشى أمام الحراك الشعبي الذي اخذ يطفو بقوة على السطح لدعم وتأييد سياسة الدولة المتدرجة في الإصلاح والمكافحة الفورية للفساد.fayz.shbikat@yahoo.com