أخبار البلد -
اخبار البلد
من الظلم الرهان على سابقة حساسية الظرف السياسي للحكم على حكومة د. فايز الطراونة المقبلة أو على مهارة الرجل بتجاوز الحساسية الظرفية قياساً على العام 1999 ، فكل الظروف السياسية و الاقتصادية مختلفة كما ان القرن كله رحل الى غياهب التاريخ .
القراءة الأولى تشير الى ان الطراونة رجل من داخل النظام التقليدي أو المحافظ و هذا النظام ما زال محافظاً على تواصله مع الناس و يحظى بنسبة ثقة أعلى من تيارات الحداثة السياسية سواء تيار الديجتال او تيار الليبرالية .
فهو ينتمي الى جيل يعرف لغة الشارع العمّاني والمحافظاتي و مارس خلال الربيع العربي جرأة في ولوج الحوار مع كل الاطياف و لم يعتكف او يعتزل كما شأن بعض اعضاء نادي الباشوات فهو نموذج على تواصل هذا الجيل السياسي مع المشهد المحلي دون انعزال .
الخشية الرئيسة ان هذا الجيل يمشي بحذر نحو الحداثة المطلوبة و يسعى الى إبقاء القوالب التقليدية مع اجراء صيانة تفوق حجم التحديث ، رغم ان المطلوب تحديث المسيرة وتزويدها بمولدات حركية جديدة دون اخراج المولدات القديمة من الخدمة كما حاول انصار الحداثة السياسية او مغتربو السياسة فعله .
و الخشية الأخرى أن يلجأ الرئيس الى فريق وزاري من نفس العلبة التقليدية في مرحلة كل ما فيها مختلف ، فنحن نقدم الأردن بوصفه بلداً شاباً ، لكننا نخشى ان نقحم المجتمع الشاب في اتون الحياة و نلجأ الى اسماء مع احترامنا لتاريخها الا انها غير متصالحة مع الجديد الذي ساد المجتمع الاردني على كل المستويات العشائرية و السياسية والاقتصادية والثقافية .
و يجب على الرئيس ان يعكس و يثبت ان تقليدية تكليفه لا تعني تراتبية تشكيله الوزاري ، فنحن على بعد خطوة كما يقول المشهد المحلي و الدعم الملكي للحكومة البرلمانية المنتخبة و حكومته من ستؤسس لذلك
الخشية الثالثة ان يلعب عمر الحكومة دوراً في غياب بعض الأسماء عن التشكيل او هروبها من استحقاق وطني رئيس ، فالرئيس المكلف يعرف اكثر من غيره ان الحكومة انتقالية , بكل دلالات الانتقالية ، لكنها ستكون تاريخية بكل المقاييس فهي كما اسلفنا ستكون حجر الأساس للمرحلة المقبلة التي ينشدها الأردن على المستويات السياسية والاقتصادية .
خشية الناس من الحكومة لا تلغي او تعطّل بعض ايجابيات الرئيس المكلف فهو من خارج دائرة الاستقطابات السياسية و لم يسجّل تاريخه السياسي معارك نكائية او معارك شخصانية من اي نوع ، كما ان سيرته المهنية والمالية غير محاطة بأي ظلال سوداء او ندب او حروق , كما لا يمكن تحميله وزرا اقتصاديا او سياسيا فالرجل جاء فعلاً في ظرف استثنائي في المرتين رغم الاختلاف في طبيعة الظرف الاستثنائي و اسبابه و مسبباته .
الوقت المتاح كما قال الملك في رسالته الجوابية على استقالة حكومة الخصاونة قليل ولا نملك رفاه التراخي او التباطؤ ، فالدورة البرلمانية تعمل و على الحكومة سرعة انجاز التواصل والتوصيل و الطراونة من رحم البرلمان والصورة امامه واضحة و لا يشوبها اي لبس .
وعلى الرئيس المكلف ان يكون جاهزاً للنقد من اليوم الاول فمسألة المائة يوم من الراحة غير قابلة للتطبيق او الاستنتاج فهو يعرف ان المطلوب انجازه , كان يجب ان ينجز امس لا غداً ، و على التيارات السياسية و الحراكية ان تفتح وعيها و سلوكها لشراكة وطنية مع حكومة الطراونة للخروج الى شمس الإصلاح و عدم الانكفاء الى الخلف او محاسبتها سلفاً .
مع امنيات التوفيق للرئيس المكلف و فريقه القادم .
Omarkallab@yahoo.com