عن مصير الدولار... عودة أخرى

عن مصير الدولار... عودة أخرى
محمود محيي الدين
أخبار البلد -  

هذه أيام لينينية، نسبةً إلى واحدة من مقولات مأثورة للزعيم الروسي فلاديمير لينين، بأنه «قد تمضي عقود من الزمن ولا يحدث فيها شيء يُذكر، وهناك أسابيع معدودة يحدث فيها ما يعادل عقوداً». وفي أثناء مشاركتي خلال الأسبوع الماضي في اجتماعات الربيع للبنك وصندوق النقد الدوليَّيْن استمعت إلى كلمات تردّدت على ألسنة مشاركين فيها تعبّر عن هذا المعنى. فمنهم من يقول إن عام 2015، الذي شهد لحظات متميزة من التعاون الدولي بتدشين أهداف التنمية المستدامة وعقد اتفاق باريس وإطلاق أجندة تمويل التنمية، مضى وكأنه مرّ عليه قرن من الزمان، وليس عشر سنوات، فقد كان أغلبها عجافاً بين حروب ووباء وصراعات مسلحة، وتدهور جيوسياسي أدى إلى حالة من فقدان الثقة، منذرة بمخاطر أكثر شراً.

 

وتستمع إلى من يردّد كلمات السيدة أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، وهي تؤكد أن «الغرب كما عرفه العالم لم يعد موجوداً»، وأنها نهاية التحالف الأوروبي - الأميركي. في هذه الأثناء ومع تباعد من كانوا من ذوي القربى في السياسة والاقتصاد، يُقرّب النفور المشترك من عجائب إجراءات التعريفة الجمركية بين متباعدي الأمس مع إشارات إلى قنوات متجددة للعلاقات الصينية - الأوروبية؛ فضلاً عن موجة متزايدة الوتيرة للتعاون بين دول الجوار في إحياء لنهج الإقليمية في العلاقات الاقتصادية. وفي هذا كله يتعرّض الدولار بوصفه عملة دولية لاختبارات الثقة؛ فإذا قُيّدت حركة التجارة والاستثمارات مع الولايات المتحدة، فما دواعي استخدام عملتها على النحو الذي كان، وما زال حتى اليوم، متبعاً؟

والإجابة ببساطة أنه لو وُجد البديل، أو البدائل، للدولار لتم الاستغناء عنه، كما حدث لعملات دولية أخرى من قبل. وقد صدرت دراسة عن مجلس محافظي النظام الاحتياطي الفيدرالي منذ عامَيْن، أي قبل الفوضى العارمة التي يشهدها العالم اليوم، عن تقييم الدور الدولي للدولار. وتذكرنا هذه الدراسة بدور الدولار وإقبال الحكومات والمستثمرين الأجانب على أذون الخزانة الأميركية بما يعادل 31 في المائة من قيمتها في عام 2022. وما زال الأجانب يحتفظون بنصف إصدار البنكنوت من عملة الدولار. كما يهيمن الدولار، حتى الآن، على المعاملات في تسوية المعاملات التجارية والمالية وأسواق الديون الدولية.

ومقارنة باليورو فإن 50 في المائة من الناتج المحلي العالمي مسؤولة عنه بلدان تستند إلى الدولار في تقييم معاملاتها، فضلاً عن الولايات المتحدة؛ في حين تبلغ هذه النسبة 5 في المائة فقط لليورو خارج الاتحاد الأوروبي. وهذه نقطة مهمة تُضاف عند مقارنة دور الدولار في الاحتياطي الدولي، البالغ حتى الآن 60 في المائة نزولاً من 71 في المائة في عام 2000، واليورو البالغ 20 في المائة من الاحتياطي الدولي، في حين يتوزّع باقي الاحتياطي الدولي بين الين الياباني (6 في المائة)، والإسترليني (5 في المائة)، والريمينبي الصيني (3 في المائة).

واستناداً إلى افتراضات مجلس المحافظين الفيدرالي فهي لا ترى تراجعاً في الدور الدولي للدولار في الأجل المنظور. فهذا الدور مستند إلى «حجم الاقتصاد الأميركي ومتانته، واستقراره، وانفتاحه على التجارة الدولية والتدفقات الرأسمالية، وقوة حقوق الملكية والقانون. ونتيجة لذلك فإن عمق وسيولة الأسواق المالية الأميركية لا نظير لهما، مع وجود عرض كبير من الأصول المالية الآمنة المقومة بالدولار».

كما ترى، فلقد كانت هذه الافتراضات والمقومات محل اعتبار عند صدور هذه الورقة من المجلس الفيدرالي في منتصف عام 2023، بما جعلها تؤكد أن «في غياب أي تغيرات كبيرة الحجم، سياسية أو اقتصادية تُدمّر قيمة الدولار بصفته مخزناً للقيمة أو وسيطاً للمبادلة، وتعزّز في الوقت ذاته من جاذبية بدائله؛ فإنه من الأرجح أن الدولار سيظل العملة الدولية المسيطرة في الأجل المنظور». ولكن ما جرى من إجراءات في الأسابيع الماضية، بما في ذلك قرارات يوم التحرير في الثاني من أبريل (نيسان) الحالي، جعل تلك الافتراضات وعوامل الاستقرار المذكورة محل توتر واضطراب في الزمن الحاضر ناهيك بالأجل المنظور.

وتحديداً فقد رأوا في زيادة اندماج أوروبا تحدياً لمكانة الدولار، بما لها من اقتصاد كبير وتجارة حرة ومؤسسات قوية وأسواق لها عمق نسبي، خصوصاً إذا ما توحّدت في إصدار السندات بتعاون مالي أفضل. وها هي أوروبا تُعيد اكتشاف مزاياها الإقليمية في مواجهة إجراءات التعريفة الأميركية.

كما أن هناك تحدياً ثانياً، وهو استعادة الصين مسار نموها، بما يعزّز من مكانة عُملتها. ومن الواضح أن الصين تسير قدماً في ثلاثة مسارات؛ الأول التوجه نحو الداخل بتشجيع الاستهلاك والاستثمار المحليين، والثاني تدعيم أطر سياسات الجوار بما نتابعه من زيارات مكثفة لقيادتها خصوصاً لدول الآسيان، والأخير هو اتخاذ تدابير لتقليل الاعتماد على الدولار وآلياته في تسوية مدفوعات التجارة معها بعملتها، وتبنيها آليات الابتكار المالي عبر الحدود لتخفيض تكلفة وزمن المعاملات مع شركائها التجاريين.

كما أن هناك تحدياً ثالثاً متمثلاً في الأصول المالية المشفرة، مثل «البتكوين» وأخواتها، التي يجب التمييز بينها وبين بما تُعرف بالعملات المستقرة المرتبطة بالدولار. ففي ازدياد التعامل مع هذه المشفرات؛ ابتعاداً عن الدولار، تهديد له، ولكنها لا تخلو ذاتها من مخاطر التقلّب الحاد، وإن أطلق البعض عليها تجاوزاً اسم «الذهب الرقمي»، بما قد يجعل التعامل معها لمن لا دراية له كالمستغيث من الرمضاء بالنار.

إن هذه التغيرات المتسارعة تهدّد عرش الدولار بأيدي القائمين على شؤون السياسة والاقتصاد في بلاده، وإن لم تخلعه منه بعد، ليس لميزة مطلقة في الدولار، ولكن لعيوب نسبية في بدائله.

 
 
 
شريط الأخبار عريضة خطية من (51) عضو هيئة تدريس تؤيد تصريحات الدكتور "عزمي محافظة" حول البحث العلمي التربية تعلن عن موعدنتائج "التوجيهي" و دوام المدارس قطع رأس والده وعرضه في مقطع مصور على يوتيوب.. تفاصيل 7 إصابات في انهيار سقف منزل في مخيم الزرقاء.. صور دهس طالبة (توجيهي) أمام مدرستها في صويلح وفرار السائق في سابقة هي الأولى من نوعها.. دولة عربية تصدر 245 حكم إعدام لمتاجرين دوليين بالمخدرات مجلس البناء الوطني يوصي بتدعيم بناية سكنية بإربد بشكل فوري (شطب واستبدال).. سورية تغير صفة الفلسطينيين في السجلات المدنية نقابة المهندسين تبدأ بدراسة أسباب انهيار البناية السكنية في إربد "الخدمات العامة": تجاوزات على الحقوق العمالية للعاملات بقطاع السكرتاريا تحذيرات مهمة للاردنيين الأردن سدد أكثر من 110 ملايين دولار لصندوق النقد خلال العام الحالي مستجدات جديدة بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة جامعة العلوم التطبيقية الخاصة تستضيف ندوة لإشهار كتاب "شذرات من تاريخ الأردن" لدولة الدكتور عبدالرؤوف الروابدة بتنظيم من مركز التوثيق الملكي الحوثيون يؤكدون ضمان معاملة إنسانية لمن تم إنقاذهم من سفينة الشحن "إترنيتي سي" صندوق النقد: خسائر "الكهرباء الوطنية" تراجعت إلى 1.1% من الناتج المحلي طقس حار ودرجات الحرارة اعلى من معدلاتها اليوم تسارع جنوني.. الدين الأميركي يرتفع 410 مليارات دولار خلال يومين بيع أول حقيبة يد هيرمس بيركين مقابل 10 ملايين دولار انهيار مبنى مفخخ على جنود إسرائيليين في غزة